القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[بيان شريعته بعد البعثة]

صفحة 365 - الجزء 1

  (وفائدة الخلاف في لزوم الأخذ بشرع من قبلنا)⁣(⁣١)، فإن كان متعبدا (بشيء) مما ذكر لزم الأخذ به في حقنا؛ لوجوب التأسي به، وإلا فلا.

  (لنا) أنه (لو تعبد بشرع) من قبله لكان يجب ألَّا يُضَافَ كل شرعه إليه، و (لأضيف) ما تبع غيره فيه (إلى شارعه، وكان كالمؤدي) عنه؛ لأن الشريعة إنما هي للمتبوع على ذلك جرى الأسلوب.

  (و) أيضا لو كان متعبدا بذلك (إذن لرجعت الصحابة) فيما لا نص فيه (إلى الكتب السالفة) لا إلى القياس، فلما لم يرجعوا إليها بل آثروا القياس عليها، دل على عدم تعبده بشيء مما فيها.

  وقد يدفع الأول بأنه إنما يلزم ذلك لو أخذه عن الشارع.

  الأول: إما بسماع منه أو بنقل أحد من البشر، وأما إذا أخذه عن الله فلا يلزم إضافته إلى من كان شرعاً له.

  والثاني: بأن المعتبر في ثبوت شرع من قبلنا إنما هو التواتر؛ لأن الآحاد لا يفيد؛ لعدم العلم بعدالة الأوساط، والتواتر لا يحتاج إلى البحث والتعلم.

  قالوا: إن العلماء اتفقوا على الاستدلال بقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥]، على وجوب القصاص في ديننا، ولولا أنه متعبد بشرع من قبله لما صح الاستدلال بكون القصاص واجبا في دين بني إسرائيل على كونه واجبا في دينه.


(١) إن لم ينسخ مما علم صحته، إما يوحي، أو نقل تواتر، ومن قال بلزوم ذلك، فال به في حقنا لزوم التأسي به ولا شبهة فيه، غير متعبد لشرع من تقدم إذا لم يعلم صحة ذلك، وإلا كان متقدماً على مالا يؤمن الخطأ فيه وهو قبيح، وأنه إذا أمر بالعمل بشيء من تلك الشرائع، فإنه يكون أمراً مبتدئاً، ولا يظهر مطابقته لما سلف، وأنه تعبد بما اتفقت عليه الرسل، والشرائع في الإلهيات، والعدل، ونحو ذلك من مسائل العلمية. (تمت حاشية المعيار - نقلاً من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٥٨٤).