[الاجماع حجة في الأحكام الشرعية]
  وأنت خبير بأنه لا يسلّم أنه ثبت ذلك عنهم بنقل كذلك، ولكن لأنا نعلم أن كل عاقل يقول ذلك، كما أنا نعلم إجماع من سيوجد على ذلك، مثل ما نعلم أن كل عاقل يعلم أن الكل أعظم من الجزء.
[الاجماع حجة في الأحكام الشرعية]
  (مسألة: كثر وهو حجة) وهذا هو المقام الرابع، وهو: النظر في حجيته.
  وقد خالف في ذلك (النظام والرافضة وبعض الخوارج)، فقالوا إنه على تقدير تصور نقله (لا) يكون حجة.
[الأدلة على حُجية الاجماع]
  (لنا:) قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِمَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}[النساء]، فجمع بين مشاقة الرسول وإتباع غير سبيل المؤمنين، فيحرم، إذ لا يجمع بين الحرام والمباح في الوعيد كالكفر وأكل الخبز مثلا، فإذا حرم إتباع غير سبيلهم، فيجب إتباع سبيلهم، إذ لا مخرج عنهما، والإجماع سبيلهم، فيجب إتباعه، وهو المطلوب.
  واعترض عليه بوجوه كثيرة، مثل أنا لا نسلم أن من للعموم، ولو سلم، فلا نسلم أن إتباع غير سبيل المؤمنين محظور مطلقا، بل يشترط الاقتران بمشاقة الرسول، ولو سلم، فغير سبيل المؤمنين هو سبيل الكافرين وهو الكفر.
  ولو سلم، فالمؤمنون عام لكل مؤمن، ولو خص في كل عصر فهو عام في العالم والجاهل، ولو خص بأهل الحل والعقد، فلفظ السبيل مفرد لا عموم له.
  ولو سلم، فيحتمل التخصيص بسبيلهم في متابعة الرسول #، أو مناصرته، أو الاقتداء به، أو الإيمان به.
  ولو سلم أنه أريد ما يعم اتفاقهم في الأحكام الشرعية، لكنه مشروط بسابقه تبين كل هدى؛ لأن الألف واللام تقتضي العموم.