القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الأدلة على حجية الاجماع]

صفحة 374 - الجزء 1

  خلقه، فإذا كانوا مع الاجتماع عدولا ظاهرا وباطنا لم يقدموا على معصية، وفي ذلك كون إجماعهم حجة.

  واعترض عليه بوجوه مثل: أن الخطاب إنما هو للصحابة والمطلوب التعميم.

  ولو سلم، وجب ألا يوجد إجماع أصلا، فإن أمته من أتبعه من لدن بعثته إلى يوم القيامة.

  ولو سلم، فالمراد قبول شهادتها على كل أهل ملة، ولا تقبل شهادة أهل الملل فيما بينهم بعضهم على بعض ولا على المسلمين فأين أحدهما من الآخر، ولو سلم، فإنما يقتضي إصابتهم فيما يشهدون على الأمم لا فيما يقولون به، والشهادة إنما تكون في الآخرة، ولا شبهة في بُعدهم حينئذٍ عن المعصية، فتثبت عدالتهم حينئذٍ، فلا يدل على أن إجماعهم في الدنيا حجة.

  ولو سلم، فإن تعديله تعالى إياهم لا يمنع من مواقعة الصغائر، كما أن عصمة الأنبياء لم تمنع من ذلك فلعل ما اتفقوا عليه خطأ كذلك.

  وذهب (القاضي عبدالجبار) إلى ما ذهب إليه الجمهور من كونه حجة، (و) استرجح أن ذلك (لقوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}) [النساء: ٥٩]؛ لأنه تعالى جعل التنازع شرطا في الرجوع إلى كتابه وسنة رسوله، (فاقتضى) أن المؤمنين وأولي الأمر منهم، (إن لم يتنازعوا) في شيء من أمور الدين (لم يرجعوا فيه إلى أحد) وما ذاك إلا لإصابتهم، فتثبت عصمتهم حينئذٍ من الخطأ، فيكون اتفاقهم حجة.

  واعترض بأنه يقتضي حجيته في حياته ÷ ولا قائل بذلك، وإذا كان متروك الظاهر لم يثبت به أصل من الأصول.

  ولو سلم فاقتضاء ما ذكر متوقف على أن الآية أفادت عدم الرد عند عدم الاختلاف قطعا، إذ لا يصلح استناد حجية، مثل الإجماع إلى ظاهر، والقطع من