القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[إجماع من بعد الصحابة كإجماعهم]

صفحة 387 - الجزء 1

  وأنت خبير بأن الأصوب والأقرب والأنسب جعل هذه المسألة فرعاً لمسالة شذوذ المخالف، وعدم انفصال ما هناك عما هنا، فإنه مناسب له وموالف.

[إجماع من بعد الصحابة كإجماعهم]

  مسألة: لا يختص الإجماع المحتج به بالصحابة، وغيرهم لا يعبأ بإجماعه، فإن (إجماع من بعد الصحابة كإجماعهم).

  (الظاهرية) وكذا رواية (عن أحمد لا) يعتبر بإجماع من بعدهم.

  (قلنا:) إنه إجماع الأمة، فوجب اعتباره بالأدلة السمعية، نحو: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ...}⁣[النساء: ١١٥]، «لا تجتمع أمتي على الخطأ» إذ (لم يفصل الدليل).

  قالوا إنه انعقد إجماع الصحابة قبل مجئ التابعين، وغيرهم على أن ما لا قطع فيه سائغٌ فيه الاجتهاد، والأخذ بأي واحد من الطرفين أدى إليه الاجتهاد، فلو أجمع من بعدهم في شيء منها واعتبر لم يجز فيه الاجتهاد إجماعا، ولا الأخذ بغير ما عليه الإجماع، فيؤد اعتباره إلى بطلان الإجماع الأول، وإلى تعارض الإجماعين⁣(⁣١)، وكلاهما باطل.

  قلنا: لو صح ما ذكرتم، لزم أن لا يصح إجماع الصحابة على شيء من المسائل


= موته مع كونه ذلك القول باقياً لم يبطل بموت صاحبه. فكذلك لا يكون له حكم مع بقاء صاحبه، بخلاف من له أتباع فإن قوله لا يبطل بموته ولا ينعقد دونه الاجماع فكذلك في حياته.

قلنا: قد بينا أن قول من عداه ليس قولاً لكل الأمة فلا يكون حجة؛ إذ الحجة إنما هي قول جميع الأمة لا بعضها على ما اقتضته الدلالة. تمت.

(١) قلت: اجماع من بعد الصحابة على شيء من مالا قطع فيه يصيره قطعي بعد أن كان سائغ فيه الاجتهاد وهذا الاجماع ليس مخالف لما قد تصور أنه اجماع لأنهم اجمعوا على أن مالا قطع فيه سائغ فيه الاجتهاد وهذا يقتضي أن كل من الصحابة ومن بعدهم يصح لهم ولمن بعدهم أن يكون لكل واحد حكم مختلف عن غيره. وهذا يعني أن المسألة خلافية يجوز الأخذ بأي قول، لكن الاجماع بعد الخلاف يصير الحكم في هذه المسألة حكماً قطعياًلا يجوز مخالفته، ولا مناقضه في هذا. والله أعلم بالصواب. تمت عبدالله حسين مجدالدين.