القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[إنقراض العصر لا يعتبر في انعقاد الإجماع]

صفحة 389 - الجزء 1

  المجتهدين بعضا، وذلك باطل، فإن البحث عن الإجماع فرع حصوله، قال الجوهري: القرن من الناس أهل زمان واحد.

  إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب⁣(⁣١)

  واعلم أن ذلك التداخل غير واجب، بل غايته الجواز، فمن أين يلزم عدم تحقق الإجماع، ثم إنا إن قلنا إن فائدة الإشتراط اعتبار موافقة اللاحقين ومخالفتهم، فلا نريد إنقراض المجمعين مطلقا، بل إنقراض المجمعين الأولين.

  وإن قلنا: إن فائدته تمكن المجمعين من الرجوع، فظاهر؛ لأن المجمعين هم الأولون، فالشرط إنقراض عصرهم.

  قالوا: لو لم يشترط الإنقراض، فإن اطلع واحد منهم على خبر صحيح لزم ترك العمل به، فيؤدي إلى إبطال النص بالاجتهاد؛ لجواز أن يكون مستند الإجماع هو القياس⁣(⁣٢).

  قلنا: إنه إذ اطلع على خبر صحيح، بخلافه فإنه لم يترك العمل به للاجتهاد، بل لأن القاطع دل على خلافه وهو الإجماع، وإن كان عن الاجتهاد وذلك كما لو اطلعوا عليه بعد الإنقراض.

  (مسألة:) إذا اختلف أهل العصر الأول على قولين، واتفق أهل العصر الثاني على أحدهما بعد ما استقر خلافهم، وقال كل بمذهب، فقد اختلف فيه، فمنعه بعضهم، وجوزه الأكثر، ثم اختلف فيه⁣(⁣٣).


(١) هذا البيت من قول عمر بن عامر السلمي.

(٢) قلت: الاجماع دليل قطعي لا يجوز مخالفةُ بغض النظر عن مستند الاجماع. فلو كان مستند الاجماع هو القياس أو غيره فقد صار الدليل على الحكم هو الاجماع لا مستند الاجماع فافهم. والله اعلم. تمت عبدالله حسين مجدالدين.

(٣) الخلاف الأول هو في انعقاد الاجماع والخلاف الثاني هو في حُجيته. تمت.