القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[إنقراض العصر لا يعتبر في انعقاد الإجماع]

صفحة 390 - الجزء 1

  فذهب الأكثر (و) هو المختار إلى أن (الإجماع بعد) ذلك (الخلاف يصير حجة قاطعة)⁣(⁣١) كما لو لم يسبقه خلاف مستقر.

  (قيل: لا) يكون حجة حينئذٍ.

  قيل: والحق أنه بعيد، وأنه قد وقع مثله قليلا، أمَّا بُعده فلأنه لا يكون إلا عن جلي، ويبعد غفلة المخالف عنه، وأمَّا أنه قد وقع فكاختلاف الصحابة في بيع أمهات الأولاد، ثم أُجمع من بعد على المنع منه.

  واعترض بمنع بُعد غفلةِ المخالف عن ذلك الجلي مطلقا، بل إذا كان كثيراً، لا إذا كان المخالف قليلا إذ لا يمتنع في العادة إلا غفلة الكثير عنه، وبأن في بعض الكتب المعتبرة ما يشير إلى أنه وقع الاتفاق من الصحابة أيضا على عدم جواز بيعهم.

  المجوزون لوقوعه المانعون لحجيته، قالوا لو كان حجة لتعارض الإجماعان، (إذ الخلاف الأول يتضمن الإجماع على أن كلا القولين حق)، وأنه يجوز الأخذ بأي واحد من الطرفين أدى إليه الاجتهاد، (فلا ينقلب أيهما خطأ)، والإجماع على أحدهما يتضمن بطلان الثاني، وأنه لا يؤخذ به، فأدى إلى بطلان الإجماع الأول، وإلى تعارض الإجماعين، وكلاهما باطل.

  (قلنا: لا نسلم) اتفاق الأولين على تسويغ كل منهما؛ لأن كل فرقة تجوز ما تقول، وتنفي الآخر، ولو سلم فإن ذلك الاختلاف لا يكون (تضمنه ذلك) الاتفاق، (إلا مشروطا) بعدم وجدان قاطع بمنع ذلك، وقد وجد القاطع، وهو الإجماع، فلا تعارض.


(١) وهو قول أكثر أئمتنا $: منهم أبو العباس، أبوطالب، وقول سريج واتباعه وأبي علي أبي هاشم وأبي الحسن الكرخي وأبي الحسين، أبي عبدالله البصري والرازي، لما تقدم من الدلالة على أن الأمة لا تجتمع في عصر على خطأ. ح غ/١/ ٥٨٧ - نقلاً من الكاشف لذوي العقول ص ١٤٦.