[المجاز لغة واصطلاحا]
  واعلم أن عند بعضهم أنه لا بد في المجاز أن يكون بوضع ثان ملحوظ فيه الوضع السابق، ورأي الأكثر أن ذلك غير معتبر وأن مجرد المناسبة كاف، وثمرة الخلاف في ذلك هل يشترط النقل في أفراد المجازات أَوْ لا، على ما سيجيء.
  ولهذا الخلاف قيل إن الأولى قول ابن الحاجب: على وجه يصح، لانطباقه على مذهبي وجوب النقل فيه والاكتفاء بالعلاقة فيكون أرجح مما يخص بمذهب حيث قيل لعلاقة بينهما، والحاصل أن ذلك أعم من قولنا لعلاقة.
  واعلم أيضا أنه لا بد من زيادة قيد هنا أيضا، وهو في اصطلاح التخاطب، وإلا لدخل في الحد ما ليس منه، وهي الحقيقة التي لها معنى آخر بحسب اصطلاح آخر، فإن الحد صادق عليها، وذلك كالصلاة مثلا، إذا استعملها الشارع في ذات الأذكار والأركان، فقد استعملها في غير ما وضعت له، لكن بحسب اصطلاح آخر غير اصطلاح التخاطب وهو الشرع، ولخرج منه بعض أنواعه، وهو المجاز المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر كلفظ الصلاة، إذا أستعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازا، فإنه - وإن كان مستعملا فيما وضع له في الجملة - فليس مستعملا فيما وضع له في اصطلاح المخاطبة ولعل الوجه في تركه ماسبق آنفاً.
  (مسألة: الأكثر و) المجاز (هو: واقع في اللغة، خلافا للأستاذ) أبي إسحاق الإسرائيلي (و) أبي علي (الفارسي) وغيرهما.
  لنا: أن الأسد للشجاع، والحمار للبليد في المفردات، وشابت لمة الليل في المركبات وغيرهما ممالا يحصى مجازات؛ لأنها يسبق منها عند الإطلاق خلاف ما استعمل فيه، وإنما يفهم هو بقرينة، وهذه حقيقة المجاز.
  قالوا: الأسد موضوع لكل شجاع من سبع وغيره، والحمار لكل بليد من بهيمة وغيرها ونحو ذلك.