القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الأدلة على جواز التعبد بالقياس]

صفحة 427 - الجزء 1

  قطعا، والتفاصيل وإن كانت آحادا فالقدر المشترك وهو أن الصحابة كانوا يعملون بالقياس قد تواتر، ولا يضر عدم تواتر كل واحد كما في شجاعة علي #، وهذا تمسك بدليل قاطع يدل على ثبوته الإجماع القاطع والأول تمسك بنفس الإجماع، فلا يشم أحدهما رائحة الآخر، خلاف ما توهمه # في شرحه من اتحادهما.

  فإن قيل: الوجهان إنما يفيدان القطع بوقوع العمل بالقياس والمطلوب القطع بوجوب العمل به لما سبق من أن معنى التعبد بالقياس إيجاب الشارع العمل بموجبه.

  قلنا: لما ثبت القطع بأن القياس حجة ثبت المطلوب؛ لأن العمل بما حصل القطع بحجيته واجب قطعا، ولنذكر تفصيلا لما أجمل وفتحا لما في الدليلين أقفل عدة صور ما عمل الصحابة فيه بالقياس، فمن ذلك أنهم (اختلفوا في مسألة الجد والحرام والإيلاء والمشتركة على أقوال) أسسوها (وبنوها على القياس من غير تناكر) على ما ستعرفه، ولفظ من غير تناكر حشو تقدم ما يغني عنه⁣(⁣١).

  ولو قيل: بدل تناكر نكير لكان أقرب إلى الإفادة وأبعد عن النقادة فإن الجوهري ذكر أن التناكر التجاهل.

  أما الجد فعند أبي بكر وابن عباس أنه يسقط الأخوة قياسا على ابن الابن، فكما أن ابن الابن بمنزلة الابن في جميع الأحوال عند عدم الابن، كذلك الجد يكون بمنزلة الأب في ذلك عند عدم الأب، وعند أمير المؤمنين أنه يقاسمهم ما لم تنقصه المقاسمة عن السدس؛ لأن له ولادة لكن بواسطة فأشبه الجدة، وعند ابن مسعود وزيد ابن ثابت أنه يقاسمهم ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث قياساً على الأم بجامع


(١) حيث قال وسكت سكوت رضى. تمت من هامش المخطوطة [أ].