القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الأدلة على جواز التعبد بالقياس]

صفحة 431 - الجزء 1

  وبهذا وبالآيات المانعة من اتباع الظن تمسك من قال إن السمع ورد بترك التعبد بالقياس.

  قلنا: ذلك الرأي في مقابلة النص، أو الذي يعدم فيه شرط فإن عدم الذم في الصور الغير المحصورة مقطوع به.

  وعن الثالث بأنه إذا تكرر وشاع ولم ينكر عليهم أحد، فالعادة تقضي بالموافقة فليس استدلالا بعمل العاملين ولكن بعملهم وسكوت الآخرين مع التكرر والشيوع في قصة معينة يدل بطريق عادي على الاتفاق، قولكم العبرة بالقلب دون اللسان.

  قلنا: لا خفا في أن المعتبر عمل القلب لكن عمل اللسان دليل عليه بلا نزاع فيكون مناطا للحكم.

  وعن الرابع بأن العلم القطعي حاصل بأن العمل بها كان لظهورها لا بخصوصياتها كسائر الظواهر التي عملوا بها من الكتاب والسنة فإنه وإن كان الاحتمال منقدحا في عملهم بخصوصياتها فإنا نعلم قطعا أن العمل بها لظهورها ولأنهم كانوا يوجبون العمل بكل ظاهر وما كانوا يجتهدون إلا لحصول الظن.

  (و) لنا أيضا (قول معاذ) حين أنفذه رسول الله ÷ إلى اليمن وقال له «بم تحكم» فقال: بكتاب الله، «قال فإن لم تجد»، قال: فبسنة رسول الله، قال: «فإن لم تجد» قال: (أجتهد رأيي)، وفي بعض الطرق أقيس الأمر بالأمر ولم ينكره ÷ بل قرره فقال: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضاه رسوله» ودلالته واضحة إلا أن المتن ظني لأنه خبر واحد والمسألة أصولية فينبني على الاكتفاء بالظن فيها لأن في ذلك خلافا على أنه قد أُدعي فيه التواتر المعنوي وما ثبت في حق معاذ ثبت في حق غيره لقوله ÷: «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة»، وقد أدعى المصنف أنه أقوى ما يستدل به على هذه المسألة.