القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الأدلة على جواز التعبد بالقياس]

صفحة 436 - الجزء 1

  واعلم أن أبا عبد الله يوافق القاضي في الوجوب والندب على ما رواه عنه الحاكم والدواري وهو المذكور في كتب الأشاعرة فرواية أنَّه يشترط ورود التعبد بالقياس على محل العلة في مثلهما تفصيلا غريبة.

  قال #: ويقتضي أنه ينفي القياس فيهما رأسا لأنه إذا قال: قيسوا كذا على كذا كان ثبوت الحكم إنما ثبت بالنص لا بالقياس، ولو سلم فلم يرد الشرع بإيجاب قياس تفصيلا في علة معينة والمعلوم أنه لا ينفيه في ذلك.

  إذن لذكر أن من العلماء من يفصل في نفيه لمجرى العادة بإلحاق الإطلاق بالتفاصيل فيما يذكرونه من حكاية الأقاويل. انتهى.

  وحينئذٍ فلا حاجة لو لا هذه الرواية عنه إلى التقييد في أي أنحاء المسألة بالتفصيل.

  والعجب منه # كيف اعترف بذلك في شرحه شاكا في صحة هذه الرواية فآثر المعوج السقيم على الصحيح المستقيم.

  (لنا:) أنا نعلم قطعا أن (مجرد النص) عليها لا يكفي في تعديها إذ العلة الشرعية إنما هي وجه المصلحة، والمصلحة داعيةٌ إلى فعل واجب أو مسهلة له أو صارفة عن قبيح أو مسهلة لتركه، و (لا يلزم فيما دعى إلى أمر) أو سهله (أن يدعو إلى أمثاله) أو يسهلها، وكذلك ما صرف عن شيء أو سهل تركه لا يلزم أن يصرف عن مثل ذلك الشيء، أو يسهل تركه، بل يجوز ذلك، ويجوز خلافه، كما يجوز النص باختلاف حكم النظيرين، وإذا جوزنا كلا الأمرين لم يجز لنا القطع بالحكم حيث وجدت العلة المنصوص عليها (فلا يلزم من قوله حرمت السكر؛ لكونه حلوا) تحريم كل حلو ما لم يرد التعبد بالقياس (فأما بعد وروده بالقياس جملة) نحو: إذا فقدت النص فقس الأمر بالأمر، (فيلزم) حينئذٍ تعدي الحكم وإلا كان دليل التعبد بالقياس خاليا عن الفائدة.