القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الأدلة على جواز التعبد بالقياس]

صفحة 437 - الجزء 1

  (و) بذلك يعرف أنه (لا وجه للفرق بين ورودها مع الأمر والنهي)، كما ذهب إليه أبو عبدالله (إذ الترك كالفعل في التعبد) فهما سواء فيما دعي أو صرف أو سهل.

  واعلم أن الباء في بالقياس متعلقة بالضمير في وروده، وهذا إنما يصح على قول بعضهم، والأصح أن نحو الجار والمجرور لا تتعلق بضمير المصدر كما ذلك مقرر.

  قالوا: لا فرق في قضية العقل بين أن يقول الشارع: حرمت الخمر لإسكارها، وقوله: حرمت كل مسكر، والثاني يفيد عموم الحرمة لكل مسكر، وكذا الأول وهو المطلوب.

  قلنا: لا نسلم عدم الفرق وإلا لزم من قوله: أعتقت غانما لسواده عتق كل أسود من عبيده وانتفاء ذلك مقطوع به.

  قالوا: لو لم يكن ذكر العلة لتعميم الحكم في مجال ثبوتها لعري عن الفائدة إذ لا فائدة في ذكر العلة وتعريفها إلا إتباعها بإثبات الحكم أينما ثبتت، ولا يصح خلوه عن الفائدة؛ لأن فعل الآحاد لا يخلو عن فائدة فكيف بالشارع، فيكون ذلك من الشارع تعبدا بالقياس في تلك الصورة، وإن لم يعلم تعبده بالقياس جملة وهو المطلوب.

  قلنا: إنما يلزم لو انحصرت الفائدة في التعميم ولم لا يجوز أن تكون فائدته أن يتعقل المعنى المقصود من شرع الحكم في ذلك المحل؛ لأن ذلك أقرب إلى الانقياد من التعبد المحض ولا يكون التعميم إلا بدليل يدل عليه.

  قال أبو عبدالله البصري: الدليل على تعميم علة النهي دون غيره، أن من ترك أكل شيء لأذاه دل على تركه كل مؤذ بخلاف من تصدق على فقير لفقره أو للمثوبة فإنه لا يدل على تصدقه على كل فقير أو تحصيل كل مثوبة.

  قلنا: إن ذلك لقرينة التأذي وكون ترك المؤذي مطلقا مَرْكُوزاً في الطباع