[القياس على مخالف الأصول]
  الأصل بنص مخالف للقياس؛ لأن الخبر يقتضي طهارة فمها بالريق، وإلا فلم أصغى لها الإناء، وهي لا تنفك عن مباشرة القاذورات، والقياس أن المحال المتنجسة إنما تطهر بالغسل.
  وقد قيل: إن خبر الهرة مخالف للأصول لا لقياسها (أو يجمع على تعليله) مطلقا، فإن الإجماع على أن هذا الحكم معلل كالتنصيص على العلة.
  وقد عرفت أن ثمرة التعليل إنما هي القياس مثال ذلك: الأشياء الأربعة الربوية فإنه قد أجمع على تعليل حرمة التفاضل فيها وإن اختلف في تعيين العلة.
  قال #: وكان القياس عدم التحريم لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥] {إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}[النساء: ٢٩] (أو يوافق قياس بعض الأصول) وإن خالف قياس بعضها، ومثله # بخبر التراد والتحالف عند وقوع التخالف فإنه وإن خالف القياس من حيث أن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين فقد وافق قياسا آخر، وهو أن القول قول المالك، فإذا كان مع ذلك الخبر المخالف للقياس أحد تلك الأمور صح القياس، فيلحق مثلا فم الصبي بفم الهرة، والذرة بالبر، والسلعة التالفة بالقائمة، وإلا يحصل أحدها (فلا قياس)، فلذا منعنا أن يقاس (على) ما ثبت عن (خبري نبيذ التمر والقهقهة) لكونهما وردا بخلاف القياس ولم يقترن بهما شيء من تلك الأمور.
  (لنا: لم يفصل دليل التعبد بالقياس) بين أن يكون النص الذي ثبت به الأصل موافقا للقياس أو مخالفا، وبين أن يكون قطعيا أو آحاديا، وبين أن يقترن به أحد تلك الأمور، وأن لا يقترن به أحدها، وإذا ثبت أنه غير مختص، فلا وجه لما ذكروه، وصح القياس مطلقا.
  وأيضا فإنه قد قيل: خبر الواحد المخالف للقياس على ضعفه فيجب قبول القياس عليه لصحة ما يستند إليه وعدم المانع.