القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الاستحسان]

صفحة 466 - الجزء 1

  وقيل: هو العدول عن قياس إلى قياس أقوى منه وهذا مما لا نزاع في قبوله، (وأشذُّ ما قيل في تحديده) عند المصنف (ما ذكره أبو الحسين) من (أنه العدول عن اجتهاد ليس له شمول مثل شمول اللفظ إلى أقوى منه يكون كالطارئ عليه) فخرج العدول عن العام إلى الخاص لأن شموله باللفظ، وعن النص إلى القياس؛ لأنه أضعف من النص فإن كلاً منهما لا يسمى بالاستحسان المصطلح عليه، وعما يخالف القياس إلى القياس؛ لأن القياس هو الأصل وغيره هو الطارئ، وإنما أخرج هذا لأنه ترك استحسان لا استحسان.

  وحاصل هذا الحد أنه يخصص قياس بأقوى منه، مثلاً: القياس يقتضي أن المثلي يضمن بمثله فالعمل بنحو خبر المصراة استحسان لأنه كخاص ورد على عام والخاص أقوى.

  وقال (أبو عبدالله البصري وأبو الحسن الكرخي هو العدول عن الحكم في الشيء بحكم نظائره لدلالة تخصه)، وهذه حقيقة جيدة، فإن الاستحسان في الاصطلاح إنما يقال على ما جاء بخلاف ما يقتضيه القياس.

  قال سعد الدين: والذي استقر عليه رأي المتأخرين هو أن الاستحسان عبارة عن دليل يقابل القياس الجلي الذي يسبق إلى الأفهام والمراد بالاستحسان في الغالب قياس خفي يقابل قياساً جلياً. انتهى.

  (قلت: ومع حده بهذين الحدين يرتفع الخلاف) أيضا (في إثباته)، فإن ما ذكر فيهما مما لا نزاع في قبوله وحجيته فإن ثبوته بالدلائل التي هي حجة إجماعا؛ لأنه:

  إما بالأثر: كالسلم والإجارة، القياس يقتضي منعهما لكونهما بيع معدوم لكن ثبتا بالنص.

  وإما بالإجماع: كأجرة الحجام والسقاء القياس المنع لجهالة ما يستغرق من المنافع والماء وثبت بإجماع المسلمين عليه.