[الاستحسان]
  وإما بالقياس: الخفي كسور سباع الطير، القياس الجلي يقتضي نجاسته عند الحنفية كسور سباع البهائم وهو طاهرٌ بالقياس الخفي لأنها تشرب بمناقيرها وهي عظام طاهرة.
  (قلت: فلابد) على هذين التفسيرين الأخيرين (من دليلين، معدول عنه، ومعدول إليه، وكلاهما صحيحان) لم يختل في أنهما شرط من شروط الصحة والمعدول إليه أقوى وإلا فلا مقتضى للعدول إليه (وسواء كانا قياسين أو قياساً وخبراً) كما مر.
  وأنت خبير باشتمال الحدين على ذلك وأن الأليق بالاختصار طي ذكره، ثم إذا تقرر ما ذكرناه فلو فرض أن الخصم ينازع بإثبات الاستحسان بذلك المعنى، فالحجة (لنا) عليه (في إثباته أنه) راجع إلى أحد الأدلة الأربعة التي هي حجة إجماعا كما وضحنا ذلك آنفا.
  وإنما هو (ترجيح دليل) لمرجح (على دليل) عار عما يقاوم ذلك المرجح (فجاز) وثبت بل وجب العمل عليه (كسائر الترجيحات) فإن إيثار الراجح على المرجوح اتفاق، ولو فرض أن أحداً يُثُبِتُ حكماً بأنه مستحسن عنده مستحلا لمجرد ميل النفس وتوقانها إليه من غير
  دليل شرعي كما رواه بعض أصحابنا عن بعض الحنفية، وكما أن في أدلتهم ما يشعر بذلك، إذ لولا هذا لما عظم بينهم وبين الشافعية اللجاج، واتسع فيما بينهم نطاق الحجاج.
  قلنا في نفيه: إن الأحكام مصالح، ولا طريق إليها من جهة العقل لما علمت، فالعمل من غير مستند يؤدي إلى انتفائها بجواز أن تستحلي النفس وتستحسن ما المصلحة في خلافه فيكون باطلا.
  وقلنا أيضا: إنه لا دليل على ما ذكرتم يدل عليه فوجب نفيه؛ لأن عدم الدليل