[الحقيقة العرفية:]
  لمعناه لذاته، وإلا لكان تخصيص هذا المعنى بذا اللفظ من دون مُخصِّص، والتخصيص بدون مُخصِّص محال، فلا يصح نقله عنه.
  قلنا: لا شك في صحة وضع اللفظ للشيء وضده، وأنه قد وقع كالجون والقرء، ولو كانت الدلالة لمناسبة ذاتيه لما كان كذلك فإن ما بالذات لا يختلف.
  ولا يلزم ما ذكروه إذ المُخصِّص إرادة الواضع المختار كتخصيص الأعلام بالأشخاص، وأيضا فقد وقع النقل - كما سيأتي - وأنه دليل الإمكان.
  (و) أنكر (الباقلاني(١) والقشيري(٢) وقوعها فقط) لا إمكانها، (وتوقف الآمدي(٣)) لتعارض الأدلة، ولا نزاع في أن الألفاظ المتداولة على لسان أهل الشرع المستعملة في غير معانيها اللغوية قد صارت حقائق فيها، وإنما النزاع في أن ذلك بوضع الشارع، وتعيينه إياها، بحيث تدل على تلك المعاني بلا قرينه، لتكون حقائق شرعية كما هو مذهبنا، أو بغلبتها في تلك المعاني في لسان أهل الشرع، والشارع إنما استعملها فيها مجازا بمعونة القرائن، فتكون عرفية خاصة لا شرعية، كما هو مذهب الباقلاني ومن معه، فإذا وقعت مجردة عن القرائن في كلام أهل الكلام والفقه والأصول ومن تخاطب باصطلاحهم، فإنها تحمل على المعاني الشرعية، بلا خلاف.
(١) الباقلاني: أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم الباقلاني البصري. تكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري توفي (٤٠٣ هـ/١٠١٣ مـ). (تمت نقلاً من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٢١٩).
(٢) القشيري: أبو نصر ابن الأستاذ عبد الكريم القشيري، صاحب الرسالة، توفي (٥١٤ هـ/١١٢٠ مـ) (تمت نقلاً من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٢١٩).
(٣) الآمدي: علي بن أبي علي محمد بن سالم بن محمد العلي سيف الدين أبو الحسن الآمدي الحنبلي الشافعي، ثعلبي الأصل، البغدادي الفقيه، نزيل دمشق. ولد عام (٥٥١ هـ) توفي عام (٦٣١ هـ) من تصانيفه: الأفكار في الأصول، والأحكام في أصول الأحكام. (تمت من حاشية شرح العضد ص ١٢).