القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[أقسام القياس]

صفحة 469 - الجزء 1

  وذهب الشذوذ: إلى أنه ليس في الشرع جمل كذلك، بل كل مسألة فهي حيث تحتاج إلى النظر في أنها هل يجري فيها القياس أو لا؟ وعلى هذا فالدليل المذكور لا ينفي ما ذهب إليه المخالف من أن كل مسألة تحتاج إلى النظر في أنها هل يجري فيها القياس أم لا؟ ولا يجوز القطع بنفي القياس فيها من غير نظر فيها بخصوصها، وذلك لأنه إنما يدل على أن بعض المسائل مما اقتضى النظر فيها بخصوصها امتناع القياس فيها ولم يدل على ثبوت جمل يمتنع فيها القياس غير مفتقرة إلى النظر في تفاصيلها فإن تبين امتناع القياس في الحدود والأسباب كما هو رأي الحنفية انتهض دليلاً على المخالف لأن هذه جملة من أحكام الشرع لا يجري فيها القياس، وإلا يتبين امتناعه في مثل ذلك فكلام الخصم قوي لأن الدليل الدال على حجية القياس غير مختص ببعض الجمل دون بعض ولا موجب للعدول عن عمومه.

[أقسام القياس]

  (مسألة:) القياس تلحقه القسمة باعتبارات: باعتبار القوة، وباعتبار العلة وسيجيء تحقيق ذلك، وباعتبار الطرد.

  (وينقسم القياس) بهذا الاعتبار (إلى طرد، وعكس، فالطرد) ما يلزم (منه إثبات مثل حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في العلة) المقتضية لشرعية حكم الأصل، ومثاله ما مر من حمل النبيذ على الخمر.

  (والعكس) ما يقتضي (إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لاختلافهما فيها).

  ولو قيل ما يثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض علته لكان أحسم للتشعيب، وأكسب للتقريب، وأجلب للتهذيب، كما لا يعزب عن الندس⁣(⁣١) الأريب.

  مثاله (نحو) قولنا: في الاحتجاج على ما ندعيه من أن الصوم شرط في صحة


(١) الندس: الرجل السريع الاستماع للصوت الخفي والفَهِم. تمت قاموس.