القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الثاني: تنبيه النص]

صفحة 495 - الجزء 1

  أحدها: (تركيب الحكم على الوصف) الباعث المتقدم عليه في التعقل، أو تركيب الباعث على حكمه الذي يتقدمه في الوجود، ومعنى تركيب الشيء على غيره ترتب ذكره على ذكر ذلك الغير، (نحو) قوله تعالى: ({فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا) أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ}⁣[البقرة: ٢٨٢] - والإملال هو الإملاء قلبت الهمزة لاماً، وهو يتضمن الإقرار - فدل تركيب الحكم وهو الإملاء من الولي وهو الأب أو الجد أو نحوهما على الوصف وهو الضعف أو السفه على أن ذلك الوصف هو السبب في نيابة الولي عنه في الإقرار فحيث يرتفع الوصف ترتفع النيابة وإلا لكان الترتيب عاطلا عن الإفادة ولا يصح لما سيجيء، ومن ذلك قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}⁣[المائدة: ٣٨] ونحو: «زملوهم بكلومهم» الحديث كما مر، وغير هذا النوع من مراتب التنبيه جرى على ما أختاره الأصحاب ولا مشاحة في ذلك إذ من جهة كون الفاء للترتيب بالوضع وإن الشرطية لسببية الشرط بالوضع أُختير عدة من مراتب النص ولاحتياج ثبوت العلية فيهما إلى النظر والاستدلال جعلت دلالتهما استدلالية لا وضعية صرفة.

  (و) ثانيها: صدور حكم منه ÷ جوابا عقيب سماع واقعة عرضت عليه لبيان حكمها، (نحو) ما قال الأعرابي هلكت وأهلكت، فقال ÷: «ماذا صنعت»، قال: واقعت أهلي في شهر رمضان فقال «أعتق رقبة أو (عليك الكفارة» جواب) قوله واقعت أهلي في شهر رمضان، أو (جامعت) أهلي (وأنا صائم)، على اختلاف الروايتين، فإنه يدل على أن الوقاع علة للإعتاق؛ وذلك لأن عَرْض الأعرابي واقعته عليه لبيان حكمها، وذكر الحكم جواب له ليحصل غرضه، لئلا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب، وتأخير البيان عن وقت الحاجة، فيكون السؤال مقدراً في الجواب، كأنه قال إذا واقعت فكفر، وقد عرفت أن ذلك للتعليل، فكذا هذا لكنه دونه في الظهور؛ لأن الفاء ههنا مقدرة وثَمَ محققة.