القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعارض العلل]

صفحة 526 - الجزء 1

  به العلة وجوه جمة نذكر هنا منها بعضها إذ لإستيعابها موضع آخر، فترجح إحدى المتعارضتين (إما بقوة طريق وجودها في الأصل) بأن يكون وجودها فيه مقطوعا به، أو مظنونا بالظن الأغلب وطريق وجود الأخرى دون ذلك.

  مثاله في الوضوء: طهارة بمايع، فلا تفتقر إلى النية كغسل النجاسة مع قول الآخر: طهارة حكمية فتفتقر كالتيمم إلى النية، (أو) بقوة طريق (كونها علة) بأن يكون دليل عليتها النص، أو الإجماع بخلاف الأخرى فدليل عليتها ليس إلا الاستنباط، (أو بأن تصحب بعلة تقويها) دون الأخرى.

  قيل: ولا شبهة في إفادة ذلك للقوة، كأن يعلل وجوب النية في الوضوء أيضا بأنه عبادة كالحج، والصوم، (أو كون حكمها حظرا، أو وجوبا دون حكم معارضتها) وسيجيء في باب الترجيح، وجه اقتضاء ذلك الترجيح، وذكر الخلاف فيه على أنه قد تقدم ما يكفي ومثال ذلك، والمثال إنما يراد للتفهيم لا للتحقيق تعليل حرمة التفاضل بالكيل لا الطعم حتى يحرم في النورة، والتعليل بأن الوضوء عبادة فتجب النية لا طهارة بمايع، فلا تجب، وكان مقتضى ما ذكر # من منع ترجيح العلة بعمومها منع ترجيحها بذلك كما مر التنبيه عليه، (أو بأن تشهد لها الأصول)، وذلك بأن تنتزع إحداهما من عدة أصول دون الأخرى، على خلاف في إفادة ذلك، للترجيح كتعليل الوضوء بأنه عبادة كالصلاة والصوم والحج، بخلاف تعليله بأنه طهارة بمايع، إذ لا أصل له إلا إزالة النجاسة، (أو بأن يكثر اطرادها) فتتعدى إلى أكثر مما تتعدى إليه الأخرى، هكذا فسره به # في شرحه، وقد تقدم لهذا الوجه وحده مسألة ورجح #، ثَمَ إنه لا يقتضي الترجيح، وسيجيء في باب الترجيح إعادة هذا أيضا على نحو ما ذكره هنا، وسنذكر شيئا من أحكام التعارض أيضا في باب الاجتهاد.

  وأنت خبير بأنه إنما جر إلى التناقض تكرار ذكر التعادل والتعارض وأنه كان الأليق طي ذكر التكرار ومراعاة الإيجاز والاختصار، (أو بأن تنتزع من أصول