القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الجنس الثاني:]

صفحة 537 - الجزء 1

  النوع الثاني: فساد الوضع، وحاصلة إبطال وضع القياس المخصوص في إثبات الحكم المخصوص؛ وذلك لأن الجامع الذي يثبت به الحكم، قد ثبت اعتباره بنص أو إجماع في نقيض الحكم والوصف الواحد لا يثبت به النقيضان، وإلا لم يكن مؤثرا في أحدهما لثبوت كلٍ من النقيضين مع الوصف بدلا من الآخر فلو فرض ثبوتهما للزم انتفاؤهما؛ لأن ثبوت كل يستلزم انتفاء الآخر.

  مثاله: أن يقول في التيمم: مسح فيسن فيه التكرار كالإستنجاء، فيقول المعترض: المسح لا يناسب التكرار؛ لأنه ثبت اعتباره في كراهة التكرار في المسح على الخف.

  وجواب هذا الاعتراض ببيان وجود المانع في أصل المعترض فيقول في المثال إنما كره التكرار في الخف لأنه يعرض الخف للتلف واقتضاء المسح للتكرار باق.

  واعلم أن فساد الوضع يشتبه بأمور، ويخالفها بوجوه، فتنبه على ذلك؛ لئلا يلتبس، فمنه أنه يشبه النقض من حيث يبين فيه ثبوت نقيض الحكم مع الوصف، إلا أن فيه زيادة، وهو أن الوصف هو الذي يثبت النقيض وفي النقض لا يتعرض لذلك بل يقنع فيه بثبوت نقيض الحكم ولو قصد به ذلك لكان هو النقض، ومنه أنه يشبه القلب من حيث أنه إثبات نقيض الحكم بعلة المستدل إلا أنه يفارقه بشيء وهو أن في القلب يثبت نقيض الحكم بأصل المستدل، وهذا يثبت بأصل آخر فلو ذكره بأصله لكان هو القلب، ومنه أنه يشبه القدح في المناسبة من حيث تنفى مناسبة الوصف للحكم لمناسبته لنقيضه إلا أنه لا يقصد ههنا بيان عدم مناسبة الوصف للحكم، بل بناء نقيض الحكم عليه في أصل آخر فلو بين مناسبته لنقيض الحكم بلا أصل كان قدحا في المناسبة.

  واعلم أنه إنما يعتبر القدح في المناسبة إذا كان مناسبته للنقيض، وللحكم من وجه واحد، وأما إن اختلف الوجهان فلا لأن الوصف قد يكون له جهتان يناسب