القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

الجنس الثالث:

صفحة 538 - الجزء 1

  بإحداهما الحكم، وبالأخرى نقيضه.

  مثاله: قتل العمد يناسب وجوب الكفارة من حيث أنه تثقيل عليه في الدنيا وعدمه من حيث أنه تخفيف عنه في الآخرة.

  وقد تلخص مما ذكرنا أن ثبوت النقيض مع الوصف نقض فإن زيد ثبوته به ففساد الوضع، فإن زيد كونه بأصل المستدل فقلب وبدون ثبوته معه فالمناسبة من جهة واحدة قدح فيها ومن جهتين لا يعتبر.

الجنس الثالث:

  ما يورد على المقدمة الأولى من القياس وهو دعوى حكم الأصل، ولا مجال للمعارضة فيه؛ لأنه غصب لمنصب الاستدلال، فينقلب المستدل معترضا والمعترض مستدلا في نفس صورة المناظرة، وذلك مما منعوه ضما لنشر الجدال ولئلا يفوت المقصود من المناظرة فتعين المنع، وذلك إما ابتداء، أو بعد تقسيم، ويسمى حينئذٍ تقسيما فهذان نوعان:

  الأول: منع ثبوت الحكم في الأصل مطلقا.

  مثاله: أن يقول المستدل: جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب.

  فيقول المعترض: لا نسلم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ، أو لم قلت لا يقبل الدباغ إذ حاصل المنع والمطالبة بالدليل واحد.

  فإذا منع المعترض حكم الأصل، فقد اختلف في أنه هل يكون لمجرده قطعا للمستدل، فمنهم من قال: إنه قطع ولا يمكن من إثباته بالدليل؛ لأنه انتقال إلى حكم آخر شرعي الكلام فيه بقدر الكلام في الأول سواء، فقد حيل بين المستدل وبين مرامه وشغل عنه بغيره، فقد ظفر المعترض بما رام، فإن الحيلولة والإشتغال قصارى مطلوبة، والصحيح أنه لا ينقطع بمجرده، وإنما ينقطع إذا ظهر عجزه عن