القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

فرع: [الخلاف في لزوم ترتب الأسئلة]

صفحة 567 - الجزء 1

  لكثير من عبارات العضد والتحريف غفولا عن قبح ذلك لغرض غير مهم وذهولا عن قبح فتح غير المستبهم وزعماً منه أن ذلك منا إبتداع وأنَّا لم نشير إليه، فهو حينئذٍ اختراع فيشتعل اللوم على ذلك والتطليح، ولا يذكر ما أسس عليه المعيار سيما باب الترجيح مع أن مصنفه هو الذي لا يشق على غباره، ولا يغترف الأكثر في الأغلب إلا من تياره⁣(⁣١) بل عسى أن يطهر منه القلق والإنزعاج، وينكشف ما أنطوى عليه من الأود والإعوجاج لما نراه من تمييز عذب الأقوال من الأجاج، وإخلاص ما فيه التمام عن ما فيه الإخداج والتحلي بحلية الإنصاف، والبعد عن التعصب والإعتساف معتقدا قلة البضاعة، وقصور الباع في هذه الصناعة فيثب وثوب الليث إذ كابر، ويسبق إلى القدح ويتبادر وينصب فيه ويتحادر، لبعده عن مضان المروة والكرم ولتوغله في الجهل فجهله أشهر من نار على علم ولله القائل:

  أتانا أن سهلا ذم جهلا ... علوما ليس يعرفهن سهل

  ولو لم يخل منها ذب عنها ... ولكن الرضا بالجهل سهل

  ثم لا يقنع بالقدح على ذلك في الذم حتى يتتبع ما طغى به القلم فعند العثور عليه يهتف بالناس إليه فرحا بذلك مسرورا جذلا قد امتلأ حبورا؛ لأنه قد ظفر بضالته المنشودة، وحاز بغيته المقصودة، فسحقا لمن قصد ذلك المقصد الفاسد، وويحا له من خسران متجره الكاسد، فأما من ملا بدرر الإنصاف طبعه، ولم يتبادر إلى إنكار ما يقرع سمعه، وسمت همته إلى ذروة التحقيق، وطارت به العنقاء إلى سماء التدقيق، وتوفرت دواعيه إلى الإفادة والتحذيق لا إلى أكل اللحوم والتمزيق، فأمعن النظر، وجانب الإعتساف، ووقف على ما في كلامنا من الأود والإنحراف، لا جرم أن من ألف فقد استقذف ومن صنف فقد استهدف.


(١) تياره: التيار الموج. تمت.