القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 578 - الجزء 1

  ومنها: أنه يخرج المحدود بأسره، فإن الاجتهاد لتحصيل ظن بحكم شرعي، لا لتحصيل علم بذلك، اللهم إلا أن يكون عبر بالعلم عن الظن، كما يكاد يفعل أو أطلقه عليه؛ لأن المجتهد يعلم أن ذلك حكم الله في حقه على ما مر في صدر الكتاب لكنه مع ذلك يخرج منه ظن حكم واحد لقوله الأحكام، ولو كان المراد على جهة البدلية فإن الحدود للتوضيح والتبيين.

  ومنها: أنه يخرج ما عرف حكمه من فعل أو ترك أو تقرير أو قياس، إذ النص يقال في مقابله ذلك، اللهم إلا أن يراد بالنص ما يفيد حكما شرعيا، فإلغاز وتعمية واصطلاح جديد غريب، فيجب تجنبه في الحدود، ويخرج أيضا ما عرف حكمه من نص ظاهر الدلالة كالعمومات، أو قطعيها حيث ينظر في صحة سنده، ويبحث عن معارضه، فيظن عدمه فلا يكون حينئذٍ جامعا، وفي بعض نسخ الكتاب بالنص الخفي (أو بالرد إليه)، فعلى هذا إنما يخرج من القياس ما رد إلى غير الخفي، وهو أيضا معظمه.

  وقال ابن الحاجب: هو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي، وأكثر القيود قد عرفت فائدتها.

  وقال الفقيه: احترازا عن استفراغ غير الفقيه وسعه، والفقيه من أتَّصف بالفقه، وقد تقدم تعريف الفقه.

  وقال سعد الدين: الظاهر أنه لا وجه لهذا الاحتراز، فإنه لا يصير فقيها إلا بعد الاجتهاد، اللهم إلا أن يراد بالفقه التهيؤ لمعرفة الأحكام على ما سبق، ثم ظاهر كلام القوم أنه لا يتصور فقيه غير مجتهد، ولا مجتهد غير فقيه على الإطلاق.

  نعم لو اشترط في الفقيه التهيؤ للكل وجُوِّزَ الاجتهاد في مسألة دون مسألة تحقق مجتهد ليس بفقيه، هذا وقد شاع إطلاق الفقيه على من تَعَلَّم الفن وإن لم يكن مجتهدا. انتهى.