[تعريف المجتهد]
  وقد علم من ذلك أن المجتهد فيه حكم ظني شرعي عليه طريق، وهو أيضا المستفتى فيه إذ لا استفتاء في المسائل العقلية على القول الصحيح لوجوب العلم بها بالنظر والاستدلال كما سيقرر.
[تعريف المجتهد]
  وأن المجتهد والمفتي من أتَّصَفَ بالاجتهاد، والمستفتي خلافه.
  فإن لم نَقُلْ بتجزء الاجتهاد، فكل من ليس مجتهدا في الكل، فهو مستفت في الكل وإن قلنا بتجزئه فهو مستفت فيما ليس مجتهدا فيه، مفت فيما هو مجتهد فيه.
  قال بعضهم: المجتهد من اتَّصَفَ بالاجتهاد، وله شرطان:
  الأول: معرفة الباري وصفاته، وتصديق النبي بمعجزاته، وسائر ما يتوقف عليه علم الإيمان، كل ذلك بأدلته الإجمالية، وإن لم يقدر على التحقيق والتفصيل على ما هو دأب المتبحرين في علم الكلام.
  الثاني: أن يكون عالما بمدارك الأحكام وأقسامها، وطرق إثباتها ووجوه دلالتها، وتفاصيل شرائطها ومراتبها، وجهات ترجيحها عند تعارضها، والتقصي عن الاعتراضات الواردة عليها، فيحتاج إلى معرفة حال الرواة، وطرق الجرح والتعديل، وأقسام النصوص المتعلقة بالأحكام وأنواع العلوم الأدبية من اللغة، والتصريف والنحو، وغير ذلك، هذا في حق المجتهد مطلقا، وأما المجتهد في مسألة فيكفيه ما يتعلق بها ولا يضره الجهل بما لا يتعلق بها.
  وقال الجويني شرط المجتهد أن يكون محيطا بمدارك الشرع، متمكنا من استثارة الظن فيها، وأن يكون عدلا، وهذا شرط قبول فتواه لا شرط اجتهاده في نفسه.
  فلابد من معرفة الكتاب قدر ما يتعلق بالأحكام، بأن يكون عالما بمواقعها،