القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعريف المجتهد]

صفحة 581 - الجزء 1

  حال الرواة، وتمييز الصحيح عن الفاسد، والمقبول عن المردود، والتحقيق في ذلك أن يكتفي بتعديل الإمام العدل الذي عرف صحة مذهبه في التعديل.

  وبالجملة لابد من علم الحديث، وعلم اللغة وعلم أصول الفقه.

  وأما الكلام وفروع الفقه فلا حاجة إليهما، كيف والفروع يولدها المجتهدون، ويحكمون فيها بعد حيازة منصب الاجتهاد.

  نعم إنما يحصل منصب الاجتهاد في زماننا بممارسته، فهو طريق يحصل الدربة في هذا الزمان، ثم هاهنا دقيقة يغفل عنها الأكثرون، وهو أنَّ مَا ذكرنا إنما يشترط في حق المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع الشرع، وليس الاجتهاد منصبا لا يتجزى؛ بل قد يكون العالم مجتهدا في مسألة دون مسألة فيفتقر إلى ما يتعلق بتلك المسألة لا غير.

  (و) الاجتهاد بالمعنى (الأخص) هو ما تقدم، وقد حد أيضا بأنه (ما يعرف به الحكم من غير رجوع إلى نص أو أصل معين)، وذلك (كقيم المتلفات) و أروش الجنايات، فإن الإجماع وإن انعقد على أن في المتلفات عوضا وفي الجنايات غرامةً على سبيل الجملة، فإنما يتوصل إلى معرفة مقدار ذلك باستفراغ الوسع بالنظر إلى ما يلحق المجني عليه من ألم وانتقاص عمل أو تقريب جنايته مما نص على أرشه، لا بالرد إلى نص أو أصل معين بإجراء حكمه عليه.

  فقولنا: ما يعرف به الحكم كالجنس، إذ يشمل قسم المحدود، وهو ما يرجع فيه إلى نص أو أصل معين وبَقَيَّة الحد يفصله عن المحدود.

  ويمكن أن يعترض أيضا بوجوه:

  منها: أنها تدخل العقليات لعدم تقييد الحكم بالشرعي، وفيها مالا أصل له معين ويتوصل إلى تحصيله باستفراغ الوسع، وقد عرفت أنها بمعزل عن المقصد.

  ومنها: أن الحد للإيضاح، وهو ينافي - أَوْ - فإنّها للترديد وأنه يوجب الإبهام،