القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الكلام في المسائل الظنية العملية في التصويب]

صفحة 592 - الجزء 1

  وقيل: إن الدليل قطعي والمخطئ غير آثم، بل معذور لخفاء الدليل وغموضه.

  وقالت (الظاهرية: بل الحق مع واحد والمجتهد مصيب)، وربما يتوهم في هذا القول التناقض ومغايرة القول الثاني، ويدفع ذلك أن المراد بالإصابة ما يقال في مقابلة الخطأ الذي هو فعل المحرم، لا أنه أريد بها موافقة الصواب من إصابة الغرض، الذي يقال في مقابلة خطأ الرامي مثلاً للغرض وعدم إصابته له، فالمخالف كالمخطئ للكافر عند رميه يوصف بالإصابة لمراد الله منه وهو إبلاغ الجهد، والخطأ في رميه بمعنى عدم الإصابة لا فعل الخطأ، وذلك محمل حسن، وينبغي أن يصار إليه ولا يعول إلا عليه.

  (وكلام الشافعي) في هذه المسألة (مختلف) فيفهم من بعضه التصويب ومن بعضه تخطئة البعض، (و) لهذا (اختلف أصحابه) في مذهبه فيها، (فقيل عنده إن الحق مع واحد والمخالف معذور، وقيل:) بل هو ممن (يقول بالتصويب) لكل مجتهد وافق الأشبه عند الله في المسألة أو خالفه (لكن المخالف) له يوصف بأنه (أخطأ الأشبه) وسيجيء تفسير الأشبه.

  (قلت: و) قد نقل (عن قدماء العترة والفقهاء: كا) لذي نقل عن (الشافعي) من تصويب كل مجتهد وتخطئة البعض.

  (لنا:) الإجماع على التصويب؛ وذلك لأن (المعلوم من كل) واحد من (الصحابة) ¤ (عدم التأثيم) لمن عول وعرج على خلاف ما سلك فيه من المنهج، (و) عدم (التخطئة) له (في) ذلك، مع أن (ما اختلفوا فيه من) المسائل، وأدلوا به من تنوع الوسائل لا يحصى كثرة على نحو ما مر في (الميراث وغيره)، ولسنا ههنا لإحصائها بل للتفهيم والتعليم، ويكفينا الإشارة إلى ذلك القدر