[الكلام في المسائل الظنية العملية في التصويب]
  والأمر إلى المطولات وكتب السير، (و) كذلك (لم ينقض أحدهم حكم الآخر)(١) حيث خالف اجتهاده ولم يوافق ما أراده، ولو كان الأمر كما زعم الخصوم على تنوع مقالاتهم لوقع ذلك كله أو بعضه من جميعهم أو بعضهم ولو على سبيل الشذوذ والندور، فلما لم يتفق على مر الأعصار والدهور عُلم أن انتفاء ذلك إنما كان؛ لأن كل مجتهد مصيب فكان إجماعاً منهم على التصويب (فاقتضى) ما اخترناه من تحلي كل مجتهد بصفة (الإصابة) وترفعه عن موجب التخطئة فحصل المطلوب.
  (و) ما قلناه بوجوب الوقوع لو كان كما زعموا (إلا) أنهم لو سكتوا عن النكير في المعصية (كان إجماعا) منهم (على خطأ)، وقد علمت أن الأمة لا تجمع على الخطأ، وقد ينازع في صحة وضع هذا الدليل، فإن هذه المسألة قطعية، ومن معظم مباحث هذا الفن فلا بد فيها من دليل قطعي، وما ذكر تموه من نقل اختلافهم من دون تأثيم وتخطئة ونقض أخبار آحاد لو صحت فغايتها الظن، سلمنا صحتها، لكن لا نسلم دلالتها على التصويب، إلا لو كان الخطأ عند الخصوم ما يقال في مقابلة الصواب، إذ هذا هو الذي يجب إنكاره، لكنه عندهم ما يقال في مقابلة الإصابة، ولعل من يقول بالتأثيم منهم يقول بأنه معفو عنه فلا يجب إنكاره، سلمنا دلالته على التصويب، وأن الخطأ في مقابلة الصواب، لكنه إنما نقل ذلك عن بعض الصحابة فلا يكون دليلا، سلمنا أن ذلك كاف لكن إذا لم يقع نكير، ولا نسلم نفي الإنكار، كيف وقد احتج الخصوم على خلاف ما أدعيتم بإجماع الصحابة على إطلاق الخطأ في الاجتهاد كثيرا، وأنه شاع وذاع من غير نكير فكان
(١) ولذا نراهم يعظم بعضهم بعضاً مع الاختلاف الواسع في المسائل، ولو كان المصيب واحداً فقط لما جاز تعظيم المخطيء.
وهذا إن قيل بتأثيمه، وإلا لزم أن يكون خطأ معفواً عنه. (تمت حاشية المعيار - نقلاً من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٧٦٧).