[الكلام في المسائل الظنية العملية في التصويب]
  في مقابلة الإصابة، ثم إن ما ذكر في تفسيري الأشبه ليس لازما بينا، فضلا عن أن يكون ذاتيا، فلا يصلحان لتعريف الحقيقة،
  وتمييزها، بل لمجرد تصوير مفهوم لفظ الأشبه بالنسبة إلى من عرف ذلك، ولما كان معنى الأشبه ما مر (سماه محمد) بن الحسن الشيباني (الصواب عند الله).
  وقال (أبو طالب والقاضي عبدالجبار وأبو هاشم وأبو الهذيل) وأبو علي آخرا (وابن الخطيب) وغيرهم وهم المصوبة الخلَّص (لا) طريق إلى الأشبه، فلا (ثبوت له)، فلا يكون مراد الله واحدا ليس إلا، (بل) مراده من كل ما أداه إليه اجتهاده بعد توفية النظر حقه.
  فلذا قالوا: (كل مجتهد مصيب قد أصاب مراد الله منه) حينئذٍ ولا خفاء أن القول بالأشبه أقرب إلى القول بأن الحق واحد وإن اختلفا في التصويب.
  (قالوا: لو لم يكن) في المسألة أشبه (لبطل الطلب للأقوى) من الأمارات إذ لا أقوى مع نفي الأشبه وذلك لأن نتيجة الأقوى، وطلبه ليس شيء غير العثور على الحكم الذي هو أليق وأنسب بما يعتبره الشارع في الأحكام، وذلك هو ما أردناه بالأشبه، فيلزم من انتفاء الأشبه انتفاء طلب الأقوى؛ لأن طلب الشيء فرع ثبوته؛ لأن إثبات طالب ولا مطلوب له محال، فإذا انتفى انتفى طلبه، وثبوت طلب الأقوى معلوم قطعا ومجمع عليه، فيكون الأشبه ثابتا قطعا، وهو المطلوب.
  (قلنا:) قولكم طلب الشيء فرع ثبوته، مسلم، لكنه إنما يتم الدليل به لو ثبت أن الأقوى حاصل، قبل الطلب والغرض وجدانه، وهذا هو محل النزاع، فإن مطلوب كل واحد عندنا، و (تكليفه) تحصيل حكم يغلب على ظنه من النظر في الأمارات، و (بلوغ غاية الترجيح) بمعنى اعتقاد الرجحان فيما يذهب إليه، إذ الترجيح يطلق على ذلك مجازا، وإنما يكون بلوغ غاية اعتقاد الرجحان بإستفراغ الوسع ببذل تمام الطاقة في تعرف الحكم، بحيث يحس من نفسه العجز عن المزيد