[هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره]
  (مسألة:) هل لغير المجتهد أن يفتي بمذهب مجتهد؟
  قد اختلف في ذلك، والنزاع فيما هو المتعارف من الإفتاء في المذهب لا بطريق نقل كلام الإمام، بل بطريق التخريج على أصوله التي مهدها.
  وجملة ما في ذلك من المذاهب أربعة.
  (الأصح) منها (أنَّ إفتاء من ليس بمجتهد بمذهب مجتهد، إن كان مطلعا على المأخذ أهلا للنظر في التخريج جائز) وإلا فلا، وقلنا لغير المجتهد لتحقيق الخلاف، إذ لا خلاف في أنه لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر، والإفتاء بقوله، وأردنا بمن هو مطلع على المأخذ أهل للنظر بعض أصحاب المذهب، ممن له ملكة الإقتدار على استنباط الفروع من الأصول التي مهدها الإمام، وهو المسمى بالمجتهد في المذهب كالمؤيد وأبي طالب ونحوهما من أصحاب الهادي(١) $ وهو في
(١) الهادي #: هو الإمام الهادي إلى الحق المبين، أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $. ولد بالمدينة المطهرة سنة خمس وأربعين ومائتين، وحمل إلى جده القاسم @ فوضعه في حجره المبارك وعوذه، وقال لأبيه: بم سميته؟ قال: يحيى وقد كان للحسين أخ يسمى يحيى توفي قبل ذلك فبكى القاسم حين ذكره، وقال: هو والله يحيى صاحب اليمن. وإنما قال ذلك لأخبار رويت بذكره. صفته: قال الإمام المنصور بالله #: كان أسدياً أنجل العينين، غليظ الساعدين بعيد ما بين المنكبين والصدر، خفيف الساقين والعجز، كالأسد. قيامه: سنة ثمانين ومائتين، أقام الله به الدين في أرض اليمن، وأحياء به رسوم الفرائض والسنن، فجدد أحكام خاتم النبيين، وآثار سيد الوصيين، وله مع القرامطة الخارجين عن الإسلام نيف وسبعون وقعة، كانت له اليد فيها كلها، ومع بني الحارث، نيف وسبعون وقعة. وخطب له بمكة المشرفة سبع سنين، كما ذكر ذلك في عمدة الطالب، وغيره. وفيه آثار عن جده النبي وأبيه الوصي، منها: عن أمير المؤمنين #، قال: (ما من فتنة إلا وأنا أعرف سائقها وناعقها، ثم ذكر فتنة بين الثمانين والمائتين (قال): فيخرج رجل من عترتي اسمه اسم نبي، يميز بين الحق والباطل، ويؤلف الله قلوب المؤمنين على يديه). وأشار الرسول ÷ بيده إلى اليمن، وقال: «سيخرج رجل من ولدي في هذه الجهة اسمه يحيى الهادي يحيي الله به الدين». ويسر الله له علم الجفر الذي أوحى الله إلى نبيه فيه علم ما يكون إلى يوم القيامة، وكان معه ذو الفقار سيف أمير المؤمنين.
=