[حكم العقل في ما ينتفع به من دون ضرر]
  العقل في ذلك (الحظر).
  قيل: وهو الحرمة والحرج، وهو كما قلنا في الإباحة (وتوقف الأشعري والصيرفي).
  وفسر التوقف تارة بعدم الحكم، ورد بأنه قطع لا توقف.
  وتارة بعدم العلم بأن هناك حكما أم لا، أو بأنه الحظر أو الإباحة.
  ولابد أولاً من تحرير محل النزاع.
  فنقول: ليس الخلاف في الأفعال التي قضى العقل فيها بحسن أو قبح، فهي ما بين واجب ومندوب، ومحظور ومكروه ومباح؛ لأنه لو اشتمل أحد طرفيه على مفسدة، فأما فعله كالظلم والكذب، فحرام، أو تركه كرد الوديعة وشكر المنعم فواجب، وإن لم يشتمل عليها، فإن اشتمل على مصلحة فأما فعله كالصفح عن المسيء فمندوب، أو تركه كمكافأة المسيء فمكروه، وإن لم يشتمل عليها أيضا فمباح كفعل الصبي.
  إنما الخلاف في الفعل الذي لا يدرك العقل فيه بخصوصه جهة محسنة، أو مقبحة كالمشي في الفضاء، وأكل الفواكه مثلا، ولا يحكم فيه بحكم خاص تفصيلي في فعل فعل، فحكم العقل فيه على الإجمال أنه محرم أو مباح، وذكر غير واحد من الأشاعرة أن المراد هو أن العقل يحكم فيما هو كذلك بأنه حرام في حكم الشارع، وإن لم يظهر الشرع، ولم يبعث النبي، أو مباح كذلك.
  فيتحقق (لنا) أنا نعلم قطعا (أن كل ما) يصح أن (ينتفع به ولا ضرر) يلحق بذلك لا (آجلاً ولا عاجلاً)(١) فإنه مما (عُلمَ حسن الانتفاع به ضرورة كعلمنا قبح
(١) ضرورة انتفاء الضرر العاجل بفقد التألم والاغتنام والآجل بفقد السمع إذ لو كان فيه مفسدة =