[حكم العقل في ما ينتفع به من دون ضرر]
  الظلم وحسن الإحسان) من غير تفرقة، وأنَّى للفارق موجب الفرق.
  ولهذا قال الأستاذ: من ملك بحرا لا ينزف، وأتَّصف بغاية الجود، وأحب مملوكه قطرة من ذلك البحر، فكيف يدرك بالعقل تحريمها، وتناول العبد للمستلذات التي خلقها الله بمنزلة تناول المملوك قطرة من بحر مالكه، بل أقل فكيف يحكم العقل بتحريمه.
  وقد يقال إنما ذكرتم على مراحل من الضرورة، فإن الضروري هو ما لا يتوقف على غيره، والعلم بحسن ذلك متوقف على العلم بانتفاء الضرر، وبهذا يفارق العلم بقبح الظلم، وحسن الإحسان، وأيضا لو كان ضروريا لما شاع الخلاف فيه، بل كان يعد بهتا ومكابرة، كغيره من الضروريات.
  ولهذا عدل المصنف في شرحه إلى أن العلم بذلك وجداني غير متوقف على العلم بانتفاء الضرر، وإنما العلم بانتفاء الضرر هو المتوقف على العلم بذلك.
  وأنت خبير بتمكن ورود الوجه الثاني فيه بل هو أمكن، وأيضا فإن انتفاء الضرر لازم للحسن فكيف ينفك العلم به عن العلم بملزومه حتى يتوقف هو على تقدم العلم بملزومه وليس المراد دور المعية إذً لم يحترز عن ذلك.
  (و) لنا أيضا: أنه لا وجه يمنع عن حسن الانتفاع (إذ خلق) العبد وما ينتفع به من نحو (الطعم) وما ذلك إلا (لينتفع به) فالحكمة تقتضي إباحته إياه تحصيلا
= لوجب من الشارع تعريفها.
وقد يقال: الاستدلال ينافي ما أدعيتم من أن ذلك يعلم ضرورة. قال # فالأولى أن يقال: أنا لما وجدنا العلم الضروري يحسن الانتفاع بذلك قطعنا أن لا مفسدة فيه، وعلمنا بحسن الانتفاع به لا يقف العلم بأنه لا مفسدة فيه بل العكس. (تمت حاشية المعيار - نقلاً من منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٨١٤).