[حكم العقل في ما ينتفع به من دون ضرر]
  لتعارض الأدلة، بل لعدم الدليل على التعيين.
  (مسألة:) النافي للحكم هل عليه أن يقيم الدليل على انتفائه أَوْ لا؟
  قد اختلف في ذلك:
  (و) المختار أن (من قطع بنفي حكم عقلي أو شرعي فعليه) أن يقيم (الدليل) على ذلك و يطالب به.
  (وقيل: لا) يطالب بالدليل عليه (كما لا بينة على المنكر).
  (وقيل: إن نفى حكما عقليا(١)) كثبوت الذوات في حالة العدم (بين) على ذلك وطولب بإقامة الدليل و (لا) يطالب بإقامته إن نفى (حكما شرعيا)(٢) كصحة بيع أم الولد.
  (قلنا:) إنَّه إذا (أدعى العلم بالنفي) لأمر غير ضروري وجودا وعدما (فلا بد له من طريق إليه)؛ لأنَّه لو لم يحتج إلى طريق يفضي إليه لكان ضروريا والمفروض خلافه، وإنما قلنا وجودا وعدما لأنَّه لو كان ضروريا وجودا كان نفيه بديهيَّ الاستحالة، فلا تسمع دعواه، أو كان ضرورياً عدَماً كان نفيه غنيا عن الدليل.
  قالوا: لو لزم كل مدعٍ لنفيٍ أن يقيم الدليل عليه للزم منكر دعوى الرسالة أن يقيم الدليل على عدم رسالته، وكذا منكر وجوب صلاة سادسة، وكذلك المدعى عليه المنكر لما يدعى عليه على عدم لزومه له، واللوازم الثلاثة ظاهرة البطلان.
  قلنا: إن الدليل قد يكون هو استصحاب الأصل مع عدم الرافع، وذلك
(١) مثال العقلي: أن يقول اعلم أنه لا يصح قلب الجوهر الفرد، أو أنه لا يصح مقدور بين قادرين، أو إنه لا ثبوت لذات في العدم، أو نحو ذلك، في العدم، فلا تسمع دعواه إلا ببرهان. (تمت منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٨١٥).
(٢) مثال الشرعي أن يقول: الوضوء لا يجب فيه الترتيب أو النية، أو لا يجوز بيع أم الولد. (تمت منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٨١٥).