القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حكم العقل في ما ينتفع به من دون ضرر]

صفحة 639 - الجزء 1

  وقال (المُزَني⁣(⁣١) والصيرفي وابن الخطيب) وهو رأي أكثر المحققين أنه (حجة) ولا فرق عندهم بين أن يكون الثابت به نفيا أصليا أو حكما شرعيا.

  (مثاله: إذا) تيمم لعدم الماء ثم (رأى المتيمم الماء حال صلاته).

  (قالوا:) فالظاهر بقاء تلك الطهارة فيستصحب الحال في بقائها فيستمر على ما هو فيه (ويتم صلاته) وتكون صحيحة (استصحاباً للحال) الأولى قبل رؤية الماء، ومن رام إيجاب الطهارة بالماء وحكم بعدم صحة الصلاة بعد رؤيته، وأن التيمم يبطل لذلك، فعليه إقامة الدليل.

  (قلنا:) إن (الحال) الثانية (غير مساوية للحال الأولى لوجود الماء) في الثانية دون الأولى، وليس المقتضي لصحة الصلاة بالتيمم أولاً، إلا فقدان الماء، وقد وجد (فلم تشاركها) حالة الوجدان (في) ذلك (المقتضي للحكم)، وهو عدم الماء حتى يوجد الحكم لوجود ما يقتضيه (فيلزم) انتفاء الحكم إذ يكون (ثبوته) لو حكم به (من غير دليل)، وهو لا يصح، فبطل أن يكون الاستصحاب حجة، وهو المطلوب.

  وقد يقال إنا لم نقل إنه يستصحب الحال في عدم الماء مع وجوده، فإن القول بذلك تهافت لا يخفى على ذي لبٍ سقمه، وإنما قلنا باستصحاب بقاء حكم الطهارة الحكمية، وعدم بطلانها بوجود الماء إلا لدليل، والأصل عدمه.


(١) المزني هو: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق المزني. بضم الميم وفتح الزاي نسبة إلى مزينة قبيلة معروفة ولد سنة خمس وسبعين ومائة وكان ورعا زاهدا مجاب الدعوة ومن أجل أصحاب الشافعي ولزم الشافعي لمَّا قدم مصر وصنّف المبسوط والمختصر من علم الشافعي واشتهر في الآفاق وكان آية في الحِجاج والمناظرة عابداً عاملاً متواضعاً غوّاصاً على المعاني. قال عنه الشافعي: المزني ناصر مذهبي مات بمصر لست بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين ومائتين. وصلى عليه الربيع ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي. كان من تلامذته الطحاوي صاحب شر ح معاني الآثار (تمت من كافل الطبري ص ٢٨٠. وحاشية الجمل /٣/ ٤٩٨.والأذكار للنووي ص ٣٥٩).