[حكم العقل في ما ينتفع به من دون ضرر]
  قولكم فلم يشاركها حالة الوجدان إلى أخره.
  قلنا: هو محل النزاع، وقد علمتم أن الاحتجاج به لا يجدي نفعا، وإن أبديتم على ما أدعيتُم من بطلان تلك الطهارة بوجدان الماء دليلاً من نص أو إجماع أو قياس لم يضرنا، فإنا لا نقول بالاستصحاب مع أيها.
  واعلم أن الإمام يحيى(١) حكى عن أئمة الزيدية والأشعرية والمعتزلة القول به واختار ذلك، وهو الأصح لكنه مؤخر عن جميع الأدلة الشرعية، فهو آخرُ قدمٍ يخطو به المجتهد إلى تحصيل حكم الحادثة.
  لنا: ما تحقق وجوده أو عدمه في حال، ولم يظن طرو معارض يزيله، فإنه يلزم ظن بقائه، هذا أمر ضروري، ولولا حصول هذا الظن لما ساغ للعاقل مراسلة من فارقه، والاشتغال بما يستدعي زمانا من حراثة أو تجارة، ولا إرسال الودائع والهدايا من بلد إلى بلد بعيد، ولا القراض والديون، ولولا الظن لكان ذلك كله سفها، وإذا ثبت الظن فهو متبع شرعا لما مر.
  ولنا أيضا: أنه لو شك في حصول الزوجية ابتداء حرم عليه الإستمتاع إجماعا، ولو شك في دوام الزوجية جاز له الإستمتاع إجماعا، ولا فارق بينهما إلا استصحاب عدم الزوجية في الأولى، وإستصحاب الزوجية في الثانية، فلو لم يعتبر الإستصحاب للزم إستواء الحالين في التحريم والجواز، وهو باطل؛ لأنه خلاف الإجماع، فقد علم إجماعهم على اعتبار الإستصحاب من المسألتين.
  قالوا: الطهارة والحل والحرمة ونحوها أحكام شرعية، والأحكام الشرعية لا تثبت إلا بدليل منصوب من قبل الشارع، وأدلة الشرع منحصرة في النص، والإجماع، والقياس إجماعا، والإستصحاب ليس منها، فلا يجوز الاستدلال به في
(١) الذي في المخطوطة [أ] هو الإمام ح، والذي في المخطوطة [ب] هو الإمام يحيى، ولعلها الصح. تمت.