القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الصحة والبطلان في العبادات والمعاملات]

صفحة 663 - الجزء 1

  بالقلب لأحد المجوزين ظاهري التجويز)، قلنا: ظاهري التجويز ليخرج مثل تجويز كون جبريل في السماء أو في الأرض إذ ليسا بظاهرين، وتجويز المقلد لمالا يعتقده إذ ليس عنده بظاهر.

  قالوا: لأنه لو كان من قبيل الاعتقاد لزم قبح جميع الظنون؛ لأن الظن إما أن يكون جهلا فهو قبيح لا محالة، وإن لم يكن جهلا فالمقدم عليه لا يأمن كونه جهلا إذ لم يحصل له سكون النفس والأَقدام على مالا يؤمن كونه جهلا في القبح كالإقدام على الجهل.

  وقد ثبت أن في الظنون ما هو حسن بل واجب، وقد عرفت ملازمة التجويز للظن وعدم إنفكاكه عنه فكل ظان مجوز إذ لا يحصل القطع إلا من العلم.

[الصحة والبطلان في العبادات والمعاملات]

  مسألة: لفظ الصحة⁣(⁣١) والبطلان يستعمل في العبادات تارة وفي المعاملات أخرى.

  أما في العبادات فالصحة عند المتكلمين موافقة أمر الشرع، وإن وجب القضاء كالصلاة بظن الطهارة، وعند الفقهاء كون الفعل مسقطا للقضاء لا يقال القضاء حينئذٍ لم يجب فكيف يسقط؛ لأنا نقول المعنى دفع وجوبه.

  وأما في المعاملات فهي: ترتب الأثر المطلوب منها عليها كحصول ملك العين وحل الانتفاع في البيع، ومنفعته البضع في النكاح.

  ولو فسرنا الصحة مطلقا بأنها عبارة عن: ترتب الأثر المطلوب من الحكم عليه لكان حسنا، إلا أن المتكلمين يجعلون الأثر المطلوب في العبادات هو موافقة أمر الشارع، والفقهاء يجعلونه دفع وجوب القضاء، فمن ههنا اختلفوا في صحة


(١) الصحة في اللغة مقابل للسقم وهو المرض. تمت شرح العضد.