(فصل:) [في الترجيح وكيفيته عند تعارض الأدلة]
  الرابع: أن العمل بالمبيح بتقدير أن يكون الفعل مقصودا للمكلف لا يختل؛ لكونه مقدورا له، والعمل بالأمر يوجب الإخلال بمقصود الترك بتقدير كون الترك مقصودا.
  ومعنى إمكان العمل بالمبيح على تقدير مساواته للأمر، هو أنهما إذا تساويا تساقطا وبقي كل من الفعل والترك على جوازه الأصلي.
  قال سعد الدين: ولا يخفى أن هذا إنما هو على تقدير ألا يسبقه إيجاب أو تحريم.
  الثالث: أن يكون مدلوله إباحة (و) الآخر نهيا، فإنه يقدم (الإباحة(١) على النهي إذ لفظها) وهو أبحت (قرينة تقدم النهي)(٢)؛ لأنَّه قلما كان ذلك إلا بعد النهي؛ فكذا يجب أن يحمل ما مدلوله الإباحة على التأخر، وقد ينازع في ذلك إذ لا مانع أن يقال أبحت كذا عند التردد في الحكم والإشكال أو على جهة التأييد، والتأكيد للحكم الأصلي.
  واعلم أن هذا الوجه هو على ما في نسخة بعض شراح المنتهى.
  وقد اعترض بأنه يستلزم ترجيح النهي على النهي لترجحه على الأمر المرجح على الإباحة المرجحة على النهي، وأجاب بأنه ليس بمحال عند اختلاف جهات الترجيح.
  قال سعد الدين: ولا يخفى ما فيه، بل الصحيح الذي عليه النسخ والنهي بمثله
(١) لفظ الفصول: والنهي على الإباحة: قال في حاشيته: بطريق الأولى. يريد بأنه إذا رجح النهي على الأمر. فبالأولى أن يرجح على الإباحة. (تمت حاشية المعيار / نقلاً من منهاج الوصول ص ٨٥٥).
(٢) قال # قلما يقال: أبحت لك هذا إلا بعد النهي عنه. وقال يقال: إذا كان الأمر قد رجح على الإباحة، والنهي مرجح عليه، استلزم ذلك ترجيح النهي عليها؛ لأن ما دل على ترجيح الأمر على الإباحة وهو الاحتياط يدل على ترجيح النهي عليها. ويجاب بأن ذلك إنما يتأتى حيث لم يؤت بلفظ الإباحة؛ إلا إذا أتى به لما ذكرناه. (تمت حاشية المعيار/ نقلاً من حاشية منهاج الوصول ص ٨٥٥).