القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

(فصل:) [في الترجيح وكيفيته عند تعارض الأدلة]

صفحة 697 - الجزء 1

  أولى من غير المؤكدة؛ لكونها أقوى دلالة، وأغلب على الظن⁣(⁣١)، كما في قوله: «فنكاحها باطل باطل باطل»، مع قوله: «الأيم أحق بنفسها من وليها».

  (و) الحادي عشر: (يرجح في الاقتضاء لضرورة الصدق على ضرورة وقوعه شرعا)، فإذا تعارض نصان يدلان بالاقتضاء وأحدهما لضرورة الصدق، والآخر لضرورة وقوعه شرعا، قدم الأول؛ لأن الصدق أهم من وقوعه شرعا، مثاله قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، مع ما لو قال إذا قلت لزيد، وأنت مكره أعتق عبدك عني على ألف لزمك للمعتق فإن مقتضى الأول لضرورة صدق الصادق عدم لزوم البيع لكونه مكرها، ومقتضى الثاني لتوقف العتق على تقرير الملك، وهو لزوم البيع شرعا، فترجح الأول بما قلنا.

  (و) الثاني عشر: يرجح (في الإيماء بانتفاء العبث، أو الحشو على غيره) من أقسام الإيماء، فإذا تعارض إيماآن، وقد عرفت أن الإيماء إقتران الوصف المدعى كونه علة بحكم من الشارع لو لم يكن ذلك الوصف أو نظيره لتعليله، لكان بعيدا من الشارع الإتيان بذلك الحكم، فإذا كان البعد إلى حيث يلزم عبث أو حشو، كان أبعد مما إذا لزم كون ما بعد الفاء غير علة، أو كون ما ترتب عليه الحكم غير علة له إلى غير ذلك من أقسام الإيماء.

  (و) الثالث عشر: إذا تعارض ما يدل (بمفهوم الموافقة)، وما يدل بمفهوم المخالفة، قدم مفهوم الموافقة (على) مفهوم (المخالفة) على الصحيح؛ لأن مفهوم


(١) قال الإمام المهدي لدين لله أحمد بن يحيى بن المرتضى # في منهاج الوصول:

«قلت: وأقرب ما يمثل به قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٩٠}⁣[المائدة]، فإنها تدل على تحريم الخمر من جهات: في كونها رجساً، وكونها من عمل الشيطان، وقوله: {فَاجْتَنِبُوهُ}.والذي يعارضها قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا}⁣[المائدة: ٩٣]، فإنه يدل على تحليلها من جهة واحدة، وهي نفي الجناح فقط. فكان دليل التحريم المرجح». أهـ ص ٨٥٩.