القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حصر أصول الفقه في أبواب عشرة]

صفحة 71 - الجزء 1

  وخطاب الرسول مقدم على خطاب أمته، وقدم الأفعال والتقريرات على الإجماع لمناسبتها أقواله ÷؛ ولأنها حجة في حياته وبعد وفاته والإجماع بعد موته فقط.

  والدلائل المستنبطة، قيل إما أن تتضمن طريقة التعليل أَوْ لا، الثاني الاجتهاد، والأول القياس، وقدم عليه الإجماع؛ لأنه دليله، ومن حق الدليل أن يتقدم على المدلول في العلم، قيل ولأن الإجماع كله قطعي وإن دخل الظن في نقله إلينا، بخلاف القياس، وقدم على الاجتهاد؛ لأن له أصلا معينا، بخلاف الاجتهاد؛ ولأن دلالته قد تكون قطعية، بخلاف الاجتهاد.

  وإن فقدت الطرق المذكورة، ولم يجد المجتهد في الشرع طريقا للحكم، رجع إلى ما يقضي به العقل في الحادثة على حسب الخلاف، هل الإباحة أو الحظر، ووجه تأخير الطرق العقلية أن الأخذ بها إنما هو عند تعذر النقلية.

  ثم المكلف إما أن يعلم تلك الطرق، ويكون أهلا للنظر أَوْ لا، الثاني المستفتي، والأول المفتي، فيحتاج إلى الكلام في صفتهما، ولما كان الحظر والإباحة بعض الطرق إلى الحكم التحق بها، فلذا قدم على صفة المفتي والمستفتي في غير هذا الكتاب، وهو الأنسب لافيه، لإدراج صفتهما في باب الاجتهاد، ونظرا إلى أن الحظر والإباحة العقليين لَيْسَا من طرق الأحكام الشرعية فحقهما أن يجعلا خاتمة الأبواب.

  وأما باب اللواحق فستعرف أنه خارج عن المقاصد فلهذا لم يتضمنه العد هذا، ومن رام في مثل عدد أبواب هذا الفن حصراً عقلياً فقد ركب شططا، سيما وهو أمر للاصطلاح والمواضعة فيه مدخل، لكن لا بأس بما استحسناه من كيفية هذا الضبط للتقريب، وإن كان في شيء منه مدخل للمناقشة والتشعيب، ولهذا بحث ابن الحاجب عن الكتاب والسنة والإجماع باعتبار ما يختص كل واحد من المسائل