[تأويل هذا الخبر للإمام المهدي محمد بن القاسم @ مع فوائد رائعة]
  أَخْرَجَهُ»، فهذا مُشْكِلٌ غَايَة الإشكال، عَلَى قواعدِ الآل، إنْ قلنا بِرَدِّهِ مَعَ هذا السَّنَدِ لَزِمَ التَّشْكِيكُ في جَمِيعِ أَحَادِيثِ الْكِتَاب، وهو أَعْظَمُ مُعْتَمَدِ أَئَّمَتِنَا، وإنْ قلنا بِقَبُولِهِ فَفِيهِ مَا فِيهِ، والْجَوَابُ مَطْلُوبٌ - جُزِيتُمْ خَيْرًا -».
  وأَجَابَ الإمامُ # عن هذا بما نَصُّه من أَثناءِ كلامٍ:
  «وَمِثْلُ حَدِيثِ {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١} مَعَ كَوْنِهِ ظَنِّيًا لَا يُعْمَلُ بِهِ في مَسَائِلِ الأُصُولِ إلَّا مُؤيِّدًا لِغَيْرِهِ، يُمْكِنُ تَأويلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ: مَنْ رَأَىهُ فِي رَفَاقَتِهِ مِن أَهْلِ الْكَبَائِرِ أَخْرَجَهُ مِنْ مُرَافَقَتِهِ فِي حَالِ الْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ عِنْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَى النَّار؛ لأَنَّهُ فِي سِيَاقِهِ، وَالْمَقْصُودُ [بالصراط]: الطَّرِيقُ الْمُوصِلَةُ إِلَى الْجَنَّةِ.
  وَقَوْلُهُ: «بِذَنْبٍ غَيْرِ شِرْكٍ»؛ لأَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يَطْمَعُ فِي مُرَافَقَتِهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ.
  يُؤيِّدُ هَذَا التَّأويلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ}[الحديد: ١٣]. وَنَحْو ذَلِكَ مِن التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي هِيَ أَوْلَى مِن الرَّدِّ».
  إلى أَنْ قال #: «وَإِنْ وَرَدَ مَا لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ وَجَبَ رَدُّهُ، كَمَا هِيَ القَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ.
  وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي نَاقِلِهِ وَلَا كِتَابِهِ، أَمَّا نَاقِلُهُ فَالْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَالْوَهَمُ تَجُوزُ عَلَى البَشَرِ، وَإنَّمَا هُو نَاقِلٌ رَوَى مَا سَمِعَ، وَإِنَّمَا يَقْدَحُ مَا كَانَ عَمْدًا، وَلِهَذَا قَالَ ÷: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»(١)، فَقَيَّدَهُ بِالْعَمْدِ.
  وَكَثِيرٌ مِنْ أَفْرَادِ الأَحَادِيثِ نُظِّرَ عَلَيْهَا، وَحُكِمَ بِعَدَمِ صِحِّتِهَا، وَلَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ قَادِحًا فِي النَّاقِلِ وَلَا فِي كِتَابِهِ.
  وأَمَّا الْكِتَابُ فَلِبَقَاءِ الظَّنِّ بِصَحَّتِهِ، وَكَمَالِ شُرُوطِ الرِّوَايَةِ فِي بَاقِيهِ». انتهى المرادُ من كلامِ الإمامِ #.
  وفيه كفايةٌ وافية، وهدايةٌ شافية لمن أَلْقَى السمعَ وهو شهيد.
(١) استوعب الحافظ السيوطي في (جمع الجوامع) تخريج هذا الحديث الشريف فارجع إليه موفقاً.