[الكلام على قاعدة سد الذرائع]
[الكلام على قاعدة سدِّ الذرائع]
  قَالَ: «وَمِنْهَا: أَنَّ فِتْنَةَ الشِّرْكِ بِالصَّلَاةِ فِي القُبُورِ وَمُشَابَهَة عُبَّادِ الأَوْثَانِ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ مَفْسَدَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ، فَإِذَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ سَدًّا لِذَرِيعَةِ التَّشَبُّهِ الَّتِي لَا تَكَادُ تَخْطَرُ بِبَالِ الْمُصَلِّي فَكَيْفَ بِهَذِهِ الذَّرِيعَةِ القَرِيبَةِ الَّتِي كَثِيرًا مَا يَدْعُو صَاحِبَهَا إِلَى الشِّرْكِ، وَدُعَاءِ الْمَوْتَى وَاسْتِغَاثَتِهِمْ، وَطَلَبِ الْحَوَائِجِ، وَاعْتِقَادِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَالدُّعَاءَ وَالتِّلَاوَةَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ مِمَّا هُوَ مُحَادَّةٌ ظَاهِرَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ».
  الْجَوَابُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ هَذَا الإِيرَادِ الَّذِي تَمُجُّهُ الأَسْمَاع، وَتَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاع، وَيُقَالُ:
  مِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ العَصْرِ، وَالفَجْرِ ذَرِيعَةً إِلَى الشِّرْكِ حَتَّى يُقَاسَ هَذَا عَلَيْهِ؟
  وَأَمَّا قَوْلُكَ: «فَكَيْفَ بِهَذِهِ الذَّرِيعَةِ القَرِيبَةِ ...» إلخ.
  فَيُقَالُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ وُقُوعُ ذَلِكَ الَّذِي ادَّعَيْتَ كَثْرَتَهُ؟ وَمِمَّنْ وَقَعَ؟
  وَعَلَى الْجُمْلَةِ: فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً كَمَا سَبَقَ تَحْقِيقُ ذَلِكَ.
  وَلَوْ سُلِّمَ كَوْنُهُ ذَرِيعَةً لِمَنْ لَا يَعْقِلُ فَلَيْسَ كُلُّ ذَرِيعَةٍ يَجِبُ سَدُّهَا بِتَرْكِهَا، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ}[المائدة]، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ النِّدَاءِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
[الكلام على دعاء الموتى]
  وَأَمَّا قَوْلُهُ: «دُعَاءِ الْمَوْتَى وَاسْتِغَاثَتِهِم»، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِذَوَاتِهِم وَطَلَبِ النَّفْعِ مِنْهُمْ فَلَا شَكَّ فِي قُبْحِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاقِعٍ مِمَّن رَمَيْتَهُم بِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ شَيءٌ مِنْ ذَلِكَ أُنْكِرَ عَلَى فَاعِلِهِ.
  وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْتَّوَسُّلِ بِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الأَخْبَارُ وَالآثَار.