[أعظم ما يحصل به التغرير والتزوير]
  ولقد نَزَغَتْ(١) في زماننا هذا نوازغُ الجهالات، وبَزَغَت(٢) فيه بوازغُ الضَلاَلات، ولم تَزَلْ كذلك في كلِّ زَمَان، إلَّا أَنَّهَا كُلَّمَا هَدَرَتْ شَقَاشِقُ الشيطان(٣)، قَطَعَتْهَا بَوَاتِرُ(٤) قُرَناء القرآن.
  ونحن أَصبحنا في دَهْرٍ كما قال أميرُ المؤمنين ~: (القَائِلُ فِيهِ بِالحقِّ قَلِيلٌ، وَاللِّسَانُ عَنِ الصِّدْقِ كَلِيلٌ).
  ولله السيد العلامة الهادي بن إبراهيم الوزير حيث يقول(٥):
  أَقَاوِيلُ غَيٍّ في الزَّمَانِ نَوَاجِمُ ... وَأَوْهَامُ جَهْلٍ بِالضَّلَالِ هَوَاجِمُ
  وَمُسْتَرِقٌ سَمْعًا لآلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَيْنَ كِرَامٌ بِالنُّجُومِ رَوَاجِمُ
  وَمُسْتَوْقِدٌ نَارًا لِحَرْبِ عُلُومِهِمْ ... فَأَيْنَ البِحَارُ الزَّاخِرَاتُ الْخَضَارِمُ
  وَمُعْتَرِضٌ فِيهِمْ بِمِخْرَاقِ لَاعِبٍ(٦) ... فَأَيْنَ السُّيُوفُ البَاتِرَاتُ الصَّوَارِمُ
  وَمُجْتَهِدٌ في ذَمِّ قَوْمٍ أَكَارِمٍ ... فَأَيْنَ الأُبَاةُ السَّابِقُونَ الأَكَارِمُ
  ومُنْتَهِشٌ لَحْمًا لَهُمْ وَهْوَ ثَعْلَبٌ ... فَأَيْنَ الأُسُودُ الخَادِرَاتُ الضَّرَاغِمُ(٧)
(١) «نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الْقَوْمِ نَزْغًا - مِنْ بَابِ نَفَعَ -: أَفْسَدَ». من (المصباح).
(٢) بَزَغَتْ: طَلَعَتْ.
(٣) «الشِّقْشِقَةُ: لَحْمَةٌ كَالرِّئَةِ تَخْرُجُ مِنْ فَمْ البَعِيرِ إِذَا هَاجَ». تمت من (الديباج الوضي).
(٤) البواتر: السيوف القاطعة.
(٥) انظر القصيدة بتمامها في كتاب (نهاية التنويه بإزهاق التمويه) للسيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير @ (ص/٤٨)، ط: (مكتبة أهل البيت (ع)).
(٦) «الْمِخْراقُ: الْمِنْدِيلُ أَو نحوُه يُلَفُّ ليُضْرَبَ بهِ أَو يُفَزَّع. عن ابنِ الأَعْرابيِّ، وأنْشَدَ:
أُجالِدُهُم يومَ الحَدِيقَةِ حاسِرًا ... كأَنَّ يَدِي بالسَّيْفِ مِخْراقُ لاعِب
وقال غيرُه: الْمَخارِيقُ - واحِدُها مِخْراقٌ -: ما يَلْعَبُ به الصِّبْيانُ من الخِرَقِ الْمَفتُولَةِ. قال عَمْرُو بنُ كُلثُوم:
كَأَنَّ سُيُوفَنَا مِنَّا وَمِنْهُم ... مَخارِيقٌ بأَيْدِي لاعِبينَا
وفي حديثِ علي ¥: (البَرْقُ مَخارِيقُ الملائِكَةِ)، أَي: آلَة يزْجي بها الْمَلائِكَةُ السَّحَابَ وتَسوقه». انتهى من (تاج العروس شرح جواهر القاموس) للزبيدي.
(٧) «(أَسَدٌ خَادِرٌ)، أَي مُقِيمٌ في عَرِينٍ، دَاخِلٌ في الخِدْر. وخَدَرَ في عَرِينِه». اهـ من (تاج العروس).