مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة

صفحة 186 - الجزء 1

  الإيمان المرتكبين بعده بما لا يُخْرِجُ عن الملة من العصيان، بإقامته عليه وآله الصلاة والسلام وإقامة أهلِ الإسلامِ عليهم الحدود، وإيجابِ قتالِ الناكثين منهم، وعداوتِهِم وطَرْدِهِم إِنْ أَصَرُّوا عَلَى العنود.

  ومعلومٌ أَنَّ في ذلك غايةَ الإهانة، ونهايةَ الذلةِ والاستكانة، وأنَّه لم يَبْقَ لهم عند اللَّهِ تعالى ولا عند رسولِهِ أيُّ مَكَانَة.

  ولو كان لهم شيءٌ ينفعُهُم في الآخرة لَنَفَعَهُم في الدنيا، التي هي دارُ الإمهالِ والإملاء، ولكانوا مُهَانين ملعونين فاسقين باغين محاربين، كما وَرَدَ في القرآن، مستحقين دارَ المتقين، مُعَظَّمِينَ مُكْرَمِينَ لِمَا تَقَدَّم لهم من الإيمان، وفي ذلك من التناقضِ والإحالةِ ما لا يخفى على ذوي التمييز فَضْلًا عن ذوي العرفان.

  ومنها: أَنَّه معلوم متحقق مرسوم عند من أَعْطَى النَّظَر حَقَّه، ولم يَمْلِك التعصبُ رِقَّه من الوَضْعِ والخطاب الإلهيِّ شمول اسمِ الكافرين والفاسقين والظالمين وغيرِها من أَسماء الذم للعاصين من الموحدين والملحدين، والقرآنُ مملوءٌ من إطلاقِ اسم الكفر عَلَى مَنْ أَخَلَّ بالشكر، نحو قوله تعالى: {قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢}⁣[آل عمران]؛ فإنها مُصَرِّحَةٌ بتسميتهم كافرينَ عن التولِّي عن الطاعة.

  وفي إقامة الظاهر مقام الْمُضْمَرِ⁣(⁣١) ما لا يخفى من النعي عليهم والشناعة.

  وكم في الذِّكْرِ المبين من التصريح باختصاص النار بالكافرين، ومعلومٌ بنصِّ الكتاب الخلود فيها - نعوذ بالله تعالى منها - لمن لم يكن خارجًا عن الملة من العاصين.

  وهذا تَبَرُّعٌ بمستند الْمَنْعِ عن الخروج عَن أَصْلِ الوَضْعِ وهو لا يلزمُنَا؛ لأنَّ الأَصلَ معنا.


(١) فإنه لم يقل: فإن تولوا فإنَّ الله لا يحبُّهم لكفرانهم، بل عَدَل عنه بالاتيان بالاسم الظاهر (الكافرين).