[عودة إلى تفنيد الأقوال المزورة على بعض علماء العترة المطهرة $]
  بحمد الله تعالى معلومة.
  وقد نقلنا هناك ما يكفي، فلينظر فيها إن شاء اللَّهُ تعالى.
  وقد كُذِبَ عَلَى أنبياءِ اللَّهِ ورسلِهِ À، فلأهلِ بيتِ النبوةِ بهم أعظمُ إسوة، بل قد كُذِبَ على اللَّهِ ø وعَلا، سبحانه وتعالى عما يصفون.
  وها هنا أَمْرٌ كُلِّيٌّ، وهو أَنَّه إذا لم يكن للمرءِ في عقائده وأصول تعبداته إحكامٌ أساس، وإبرامُ أَمْرَاس حتى يكونَ عَلَى ثباتٍ من دينه، ورسوخٍ في يقينه، تجاذبَتْهُ الأوهام، واختلجَتْهُ الشكوك، ورَوَّعَهُ أَدْنَى قادح، وأَفْزَعَهُ كلُّ خيالٍ لائح، فهو لا يَجزمُ بتضليلِ أَحَدٍ من الفِرَق؛ لأنَّه لا يعلمُ أهو أَوْلَى أَم هم في ذلك بالحق، فحاله كما قال(١):
  فَغَدَتْ كِلا الفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ ... مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا
  ولهذا ورد عن سيد البشر ÷: «مَنْ أَخَذَ دِينَهُ عَنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ، وَقَلَّدَهُمْ فِيهِ مَالَتْ بِهِ الرِّجَالُ مِنْ يَمِينٍ إلى شِمَالٍ، وَكَانَ مِنْ دِينِ اللَّهِ عَلَى أَعْظَمِ زَوَالٍ، وَمَنْ أَخَذَ دِينَهُ عَنِ التَّفَكُّرِ في آلَاءِ اللَّهِ، وَالتَّدَبُّرِ لِسُنَّتِي زَالَت الرَّوَاسِي وَلم يَزُلْ»(٢). انتهى.
  ولقد اطَّلَعْتُ عَلَى تعليقٍ لبعض الواضعين في وقتنا أَطْنَبَ صاحبُهُ في النهي
(١) لبيد بن ربيعة العامري من معلقته المشهورة، كما في ديوانه (ص/١٧٣)، ط: (دار صادر).
قال التبريزي في (شرح المعلقات العشر) (ص/١٨٤): ويروى: فَعَدتْ [من الْعَدْوِ]. أخبر أنَّها [أي البقرة] خائفة من كِلَا جانبيها، من خلفها وأمامها. والفَرْجُ: الواسع من الأرض، والفَرْجُ أيضًا: الثغر، والثغر: موضع المخافة.
ومولى المخافة، معناه: ولي المخافة، أي الموضع الذي فيه المخافة، ... ، وخلفُهَا: مرفوع على أنَّه بَدَلٌ من مَوْلَى، وأمامُهَا: معطوف عليه، ويجوز أن يكون مولى مرفوعًا بالابتداء، وخلفُهَا خبره، والجملة خبر أنَّ، ويجوز أن يكون خلفُهَا وأمامُهَا مرفوعين عَلَى أنَّهما خبر ابتداءٍ محذوفٍ؛ كأنَّه قال: هما خلفُهَا وأمامُهَا. انتهى بتصرف يسير.
(٢) أمالي الإمام أبي طالب # (ص/٢١٥) رقم (١٦٤) (الباب التاسع: في فضل العلم والحث عليه).