مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة

صفحة 193 - الجزء 1

  ومن مناقضات القاضي الأكوع قوله في هذا البحث⁣(⁣١):

  «تَجَمَّعَ الأنصارُ في سقيفة بني ساعدة فتشاوروا فيمن يلي الأمر بعد رسول اللَّه، وعلى رأسهم حامل لواء المعارضة سيد الخزرج سعد بن عبادة. فقالوا: إنهم أَوْلَى، مستدلين أَنَّهم آووا ونصروا وتبوؤا الدار، وهي حجة دامغة، وقولةٌ نيرة.

  بينما أبو بكر وصحبه من قريش كعمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح، قالوا: الخلافة في قريش. محتجين أنَّ العربَ لا تَدين لغير هذا الحي من قريش، وهي مقولةٌ صادقة؛ لأنَّ قريشًا في ذلك الحين حازت أمرين عظيمين: الأول: أن البيت الحرام المعمور في عُقْرِ دارهم مكة المكرمة منذ القدم تهوي إليه أفئدةُ العربِ كل العرب والناسِ المسلمين، وتحجُّ إليه كلَّ عام مما جعل قريشًا تفتخر بذلك.

  وثاني الأمرين: أنَّ نبينا محمدًا بُعِثَ منهم، فأضاف إِلفةً إلى تلك الإِلفة».

  وأقول: تأمل أيُّها الناظر لهذه المناقضة، فكيف تكون حجةُ الأنصار دامغة، وذلك يقتضي أنَّ الحقَّ لهم، وحجةُ قريش صادقة، وهو المعنى الذي أَنكره بالقُرْبِ من رسول اللَّه ÷. إلى آخر كلامه المتهافت المتناقض.

  ثم قال⁣(⁣٢): «وهناك أمور أخرى ليس موضوعها هنا».

  أقول: والذي يظهر أنَّ الأمور التي طَوَى ذكرها هي احتجاجُ أميرِ المؤمنين #، ومنها قول أمير المؤمنين #: (اِحْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ، وَأَضَاعُوا الثَّمَرَةَ)، وقوله # مخاطبًا لأبي بكر:

  فَإِنْ كُنْتَ بِالقُرْبَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ ... فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَأَقْرَبُ

  وَإِنْ كُنْتَ بِالشُّورَى حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ ... فَكَيْفَ بِهَذَا وَالْمُشِيرُونَ غُيَّبُ

  فهذه الحججُ هي الدامغةُ الصادقةُ التي لم يستطع الأكوع أنْ يَتَكَلَّمَ بها، وقال: «ليس موضوعها هنا»؛ لأنها تنقض كلامَه كلَّه، {وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا


(١) (كشف أسرار الباطنية) (ص/١١).

(٢) (كشف أسرار الباطنية) (ص/١٢).