[بحث في دعوى علم الغيب]
  فَالجَوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ ÷، وَلَا إِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مَا رَوَاهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، أَوْ طَائِفَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الكُتُبِ أَنَّهُ أَحَاطَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷.
  وَقَدْ صَرَّحَ كِبَارُ الْمُحَدِّثِينَ كَالبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا بِمَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الَّذِي تَرَكُوهُ مِنَ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي رَوَوهُ(١).
  وَقَد اسْتَوْفَيْتُ هَذَا فِي (الْمَنْهَجِ الأَقْوَمِ) فِي (صفحة/ ١٨)، فَلْيُتَأَمَّل.
[بحث في دعوى علم الغيب]
  وَأَمَّا قَوْلُهُ: «مَا رَأْيُ الْمُؤَلِّفِ فِي الَّذِي يَدَّعِي عِلْمَ الغَيْبِ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ، أَوْ يَدَّعِي ذَلِكَ لِلغَيْرِ؟».
  فَالجَوَابُ: أَمَّا دَعْوَى عِلْمِ الغَيْبِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ فَدَعْوَى بَاطِلَةٌ، وَصَاحِبُهَا مُفْتَرٍ كَذَّابٌ، وَرَادٌّ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى.
  وَأَمَّا التَّصْدِيقُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ ÷ مِنْ عِلْمِ الغُيُوبِ الْمَاضِيَةِ وَالْمُسْتَقْبَلَةِ فَهْوَ صَرِيحُ الإِيمَانِ، وَمَنْ كَذَّبَ بِشَيءٍ مِنْهُ فَهْوَ كَافِرٌ باللَّهِ تَعَالَى، جَاحِدٌ رَادٌّ لِمَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ}[يوسف: ١٠٢].
[بعض من أدلة الكتاب والسنة في الإخبار بالغيوب المستقبلة]
  وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عِلْمِ الغُيُوبِ بِمَا لَا يُحْصَى، مِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ ø: {وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ ٣ فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ}[الروم]، وَقَوْلُهُ: {لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ}[الفتح: ٢٨]، وَقَوْلُهُ: {سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ
(١) قال الحافظ ابن حجر في (هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح البخاري) (ص/٧) ط: (دار الكتب العلمية): «وروى الإسماعيلي عنه - أي البخاري - قال: لَم أُخَرِّجْ في هذا الكتاب الَّا صحيحًا، وما تركتُ من الصحيح أكثر».
والكلام في هذا وفيما يخص الصحيحين مستوفى في (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # ج ١/ الفصل الثاني.