مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فصل الخصام في مسألة الإحرام

صفحة 228 - الجزء 1

  

  الْحَمْدُ لِلَّهِ الكَبِيرِ الْمُتَعَال، ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَلَال، الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَال، الْمَسْؤُولِ للتَّسْدِيدِ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَال، الْمُسْتَعَانِ بِهِ فِي جَمِيعِ الأَعْمَال، الْمُسْتَعَاذِ بِهِ مِنَ الزَّيْغِ وَالْخِذْلَانِ وَالتَّضْلِيلِ وَالإِضْلَال، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى مَنْ خُتِمَتْ بِهِ النُّبُوةُ وَالإِرْسَال، الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ كَمَا أَمَرَهُ ذُو الْجَلَال، وَعَلَى آلِهِ الَّذِينَ أَوْجَبَ مَوَدَّتَهُم فِي الذِّكْرِ الْمُبِين، وَالتَّمَسُّكَ بِهِمْ كَمَا فِي أَخْبَارِ السَّفِينَةِ وَالنُّجُومِ وَالثَّقَلَيْن، وَحَرَّمَ عَلَيْهِم الزَّكَاة، وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا فِي أَخْبَارِ التَّعْلِيمِ وَالتَّلْقِين، وَبَعْدُ.

  فَقَدْ كَانَ الاِطَّلَاعُ عَلَى رِسَالَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى نِسْبَةِ أَقْوَالٍ هِيَ خِلَافُ الوَاقِعِ، مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَسَادِ فِي الاِحْتِجَاجِ، وَمَا كُنَّا نُقَدِّرُ أَنْ تَصْدُرَ مِمَّنْ لَهُ فِي الْعِلْمِ قَدَمٌ رَاسِخٌ، وَمِنَ التَّقْوَى وَرَعٌ حَاجِزٌ، أَوْ يَنْقَادَ لِلَّذِي لَفَّقَهَا لَهُ، وَحَمَلَهُ عَلَى نَشْرِها؛ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الغُرُورِ، مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِقْهِيَّةٌ فَرْعِيَّةٌ، لَا تَسْتَوْجِبُ التَّطْوِيل، وَلَا كَثْرَةَ القَالِ وَالْقِيل.

  وَلَوْ أَبْدَى فِيهَا رَأْيَهُ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِلأَعْرَاضِ، وَنِسْبَةِ أَقْوَالٍ لَا أَصْلَ لَهَا لَمَا كَانَ عَلَيْهِ مَلَامٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: «إِنَّ الاِجْتِهَادَ لَا يَثْبُتُ بِالرَّأْي».

  وَلَوْلَا وُجُوبُ البَيَانِ، وَرَفْعُ التَّغْرِيرِ؛ لَأَعْرَضْنَا عَنِ الْجَوَابِ.

  وَقَدْ كُنْتُ تَوَقَّفْتُ عَنِ الإِجَابَةِ حَتَّى يَكُونَ الإِعْذَارُ؛ لِتَأْكِيدِ الْحُجَّةِ، وَكَرَاهَةِ الْجِدَالِ الْمُورِثِ لِلْفُرْقَةِ، فتَوَجَّهَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ العَلَّامَةُ الوَلِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الشّهَارِيُّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِقَصْدِ النُّصْحِ بَعْدَ أَنْ تَألَّمَ مِنْ هَذِهِ الرِّسَالَةِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ العُلَمَاءِ الأَخْيَارِ، حَتَّى الَّذِينَ جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنَّهُ خِلَافٌ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَأْلُوفَةِ بَيْنَ العُلَمَاءِ الْمُنْصِفِينَ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ وَأَبْلَغَ الْمَجْهُودَ فِي النُّصْحِ، فَأَظْهَرَ التَّأَسُّفَ وَالاِسْتِغْفَارَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ البَيَانُ، فَأَمَرَهُ بِكِتَابَةِ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْصَلَ إِلَيْهِ وَرَقةً فِيهَا بَيَانُ الرُّجُوعِ عَنْ تِلْكَ الرِّسَالَةِ،