الجوابات المهمة من مسائل الأئمة
  ولَمَّا كانَ الْمُدَّعُونَ لِمُتَابَعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِرَقًا مُتَعَدِّدَةً مَيَّزَ ذَلِكَ بِالعَلَمِ الثَّانِي؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتَسِبْ إِلَيْهِ إِلَّا خُلَاصَةُ الصَّفْوَةِ.
  وَعَلَى هَذَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ فِي قَصْدِ التَّمْيِيزِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الرَّسُولِ ÷ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: «لَا يُحِبُّهُ إلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُ إلَّا مُنَافِقٌ»، وَكَرَّرَ ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ، وَفِي مَقَامَاتٍ عَدِيدَةٍ.
  وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُومًا حَتَّى قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ بِبُغْضِهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(١).
  وَلَوْ قَالَ: لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ لَمْ يُمَيِّزْ كُلَّ التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدَّعِي الإِسْلَامَ يَدَّعِي حُبَّهُ، بِخِلَافِ عَلِيٍّ #.
  وَانْظُرْ إِلَى (خَبَرِ الثَّقَلَيْنِ) الْمَرْوِيِّ فِي الصَّحِيحِ، وَسَائرِ السُّنَنِ عَنْ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ صَحَابِيًّا، وَقَدْ أَوْضَحْتُ الكَلامَ عَلَيْهِ فِي (لَوَامِعِ الأَنْوَارِ)(٢)، وَفِي (شَرْحِ الزُّلَفِ) (صفحة - ٢٢٣) (الطبعة الأولى)، وفي (ص/٣٢١) (الطبعة الثانية)(٣)، بِلَفْظِ: «كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي».
  وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَسُنَنِ أَبِي دَاودَ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَغَيْرِهِم: «أُذَكِّرُكُم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» ثَلَاثًا.
  فَعَدَلَ الأَكْثَرُ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ الصَّحِيحِ الْمَعْلُومِ إِلَى لَفْظِ: «وَسُنَّتِي»، وَهْيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، لَمْ تُخَرَّجْ فِي الصَّحِيحِ، وَلَا فِي شَيءٍ مِنَ الأُمَّهَاتِ السِّتِّ إلَّا فِي (الْمُوَطَّأِ) بَلَاغًا مُرْسَلَةً(٤).
(١) البحث في هذا مستوفى في (الفصل العاشر) من (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # (ط ١/ ٢/٦٥٧)، (ط ٢/ ٢/٧٢٠)، (ط ٣/ ٢/٨٩٨).
(٢) (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # (ط ١/ ١/٥١)، (ط ٢/ ١/٨٣)، (ط ٣/ ١/١٠٠)، والبحث فيه مستوفى هناك فارجع إليه موفّقا ..
(٣) وفي (ط ٣/ص/٤٢٨)، و (ط ٤/ص/٤٢٩).
(٤) موطأ مالك (٤/ ٢٨٠)، رقم (١٧٧٣)، ط: (مجموعة الفرقان).