مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[جميع الفرق الإسلامية تقول بحصر الإمامة إلا الخوارج]

صفحة 280 - الجزء 1

  وَبِنَفْسِ الوَقْتِ رَفَضُوا مَبْدَأَ الوِرَاثَةِ لِلإِمَامَةِ فِي ذُرِّيَّةِ إِمَامٍ مُعَيَّنٍ؟

  الجواب: أَنَّ الهَادَوِيَّةَ وَجَمِيعَ الزَّيْدِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُم مِنْ فِرَقِ الشِّيعَةِ قَالُوا بِحَصْرِ الإِمَامَةِ فِي البَطْنَيْنِ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ سَائِرُ فِرَقِ الأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مِنْ حَنَفِيَّةٍ وَشَافِعِيَّةٍ وَمَالِكِيَّةٍ وَحَنْبَلِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ عَلَى حَصْرِ الإِمَامَةِ فِي قُرَيْشٍ مِنْ دُونِ بَقِيَّةِ بُطُونِ العَرَبِ وَالعَجَمِ؛ لِلنَّصِّ النَّبَوِيِّ: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ».

  وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا الخَوَارِجُ، وَلاَ عِبْرَةَ بِهِمْ؛ لِمُرُوقِهِمْ مِنَ الدِّينِ بِالنُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ⁣(⁣١).

  وَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ فِي هَذِهِ الأَعْصَارِ فَهُمْ غَيْرُ مُتَقَيِّدِينَ بِحُدُودِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلامِيَّةِ، قَدْ فُتِنُوا بِتَعَالِيمِ الْمِلَلِ الْكُفْرِيَّةِ، وَأَنْكَرُوا الإِمَامَةَ الشَّرْعِيَّة، وَالْخِلَافَةَ النَّبَوِيَّةَ، الَّتِي نَطَقَتْ بِهِمَا الآيَاتُ القُرْآنِيَّةُ، وَالأَخْبَارُ النَّبَوِيَّةُ، وَأَجْمَعَتْ عَلَيْهَا الأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، مِنْ صَدْرِ الإِسْلَامِ إِلَى هَذِهِ الأَيَّامِ، الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا الفَسَادُ، وَانْتَشَرَ الْكُفْرُ وَالإِلْحَاد.

  فَقَدْ تَقَرَّرَ شَرْعًا اشْتِرَاطُ الْمَنْصِبِ، وَإِنَّمَا الخِلَافُ فِي حَصْرِهَا عَلَى أَوْلَادِ الْحَسَنَيْنِ.

  وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ العِلَّةَ الَّتِي أَوْجَبَتِ الْحَصْرَ فِي قُرَيْشٍ إِنَّمَا هِيَ القُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷، كَمَا فِي احْتِجَاجِ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ، وَسَلَّمَتْ لَهُم الأَنْصَارُ تِلْكَ الْحُجَّة.

  وَقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ # لَمَّا بَلَغَهُ احْتِجَاجُ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ مَعَهُ: (احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ، وَأَضَاعُوا الثَّمَرَةَ)، وَقَالَ مُتَمِّمًا لِقَوْلِهِ ÷: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» مَا لَفْظُهُ: (فِي هَذَا البَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ). إِلَى آخِرِهِ.

  وَثَمَّةَ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا يَسَعُهَا الْحَالُ.


(١) سيأتي بعضًا منها في (القسم الثاني) في الكلام (مع ابن تيمية).