مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[اعتراف ابن تيمية بحصر الإمامة في قريش]

صفحة 281 - الجزء 1

  وَمَهْمَا يَكُنْ مِنْ أَمْرٍ فَقَدَ أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالأَمْرِ، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ.

  وَرَوَتِ العَامَّةُ أَنَّهُ طَلَبَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَقِيبَ مَوْتِ فَاطِمَةَ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهَا، رَوَى ذَلِكَ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ⁣(⁣١)، وَأَنَّهُ لَمْ يُبَايِعْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ تِلْكَ الْمُدَّة، وَهْوَ لا يَتَأَخَّرُ عَنِ الْحَقِّ سَاعَةً وَاحِدَةً؛ لأَنَّهُ مَعَ الْحَقِّ، كَمَا قَضَتْ بِذَلِكَ الأَخْبَارُ النَّبَوِيَّةُ، وَهْوَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، وَهْوَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَوَلِيُّهُم.

  وَقَدْ جَرَتْ مِنْهُ الْمُصَالَحَةُ إِشْفَاقًا عَلَى الإِسْلَامِ، وَحِيَاطَةً لِلْدِّينِ، مَعَ سَلَامَةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيَّامِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

[اعتراف ابن تيمية بحصر الإمامة في قريش]

  وَقَدْ اعْتَرَفَ بِحَصْرِ الإِمَامَةِ فِي قُرَيْشٍ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ فِي أَفْضَلِ الأَجْنَاسِ الشَّيْخُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، حَيْثُ قَالَ فِي (الجزء - ١٩) مِنَ (الفَتَاوَى) (الطبعة الأُولى) (صفحة - ٢٩) ما لَفْظُهُ:

  «وَلَكِنْ خَصَّ قُرَيْشًا بِأَنَّ الإِمَامَةَ فِيهِمْ، وَخَصَّ بَنِي هَاشِمٍ بِتَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ لأَنَّ جِنْسَ قُرَيْشٍ لَمَّا كَانُوا أَفْضَلَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الإِمَامَةُ فِي أَفْضَلِ الأَجْنَاسِ مَعَ الإِمْكَانِ».

  وَقَالَ فِي (صَفْحَةِ - ٢٩) مَا لَفْظُهُ: «وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ ÷ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا خَيْرُكُمْ نَفْسًا، وَخَيْرُكُمْ نَسَبًا».

  [قَالَ: وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ جِنْسَ الْعَرَبِ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَمَا أَنَّ جِنْسَ قُرَيْشٍ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَجِنْسَ بَنِي هَاشِمٍ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ]، وَقَدْ ثَبَتَ فِي


(١) تقدم تخريجه.