مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[وجه التحريم لدعوة معاوية بوراثة منصب الخلافة]

صفحة 285 - الجزء 1

  الفِئَةُ البَاغِيَةُ، الدَّاعِيَةُ إِلى النَّارِ، وَلَفْظُهُ فِي الصِّحَاحِ، وَسَائِرِ كُتُبِ الحَدِيثِ: «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعونَهُ إِلَى النَّارِ»، بِجَمِيعِ أَلْفَاظِهِ الَّتِي لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.

  وَهَذَا النَّصُّ النَّبَوِيُّ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، فَلِهَذَا عَدّوُهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُعْجِزَاتِ النَّبَوِيَّةِ⁣(⁣١).

  وَهْوَ أَيْضًا مِنْ أَوْضَحِ البَرَاهِين القَاطِعَةِ عَلَى الإِمَامَةِ العَلَوِيَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى صَاحِبِهَا.

  وَلِهَذَا لَمَّا صُدِمَ مُعَاوِيَةُ بِهِ، وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ، وَدُحِضَتْ شُبَهُهُ، وَبَطَلَتْ مَعَاذِيرُهُ لَجَأَ إِلَى الْمَخْرَقَةِ⁣(⁣٢) والْمُكَابَرَةِ، فَقَالَ: إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ.

  فَأَلْزَمَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ # أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ هُوَ القَاتِلُ لِحَمْزَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ⁣(⁣٣).

  وهَذَا مِنَ الْمُجَارَاةِ، وَكَشْفِ القِنَاعِ لِمَنْ عَسَى أَنْ يَرْتَابَ بِكَلَامِهِ مِنَ السُّذَّجِ، الَّذِينَ لَا نَظَرَ لَهُ وَلَا فَهْمَ وَلَا تَمييز، كَمَا كَانَ عَلَى ذَلِكَ أَغْلَبُ الَّذِينَ كَانَ يَقُودُهُم مُعَاوِيَةُ بِأَمْثَالِ هَذِهِ التُّرَّهَاتِ مِنْ قَمِيصِ عُثْمَانَ، وَأَصَابِعِ امْرَأتِهِ، فَيُؤثِرُونَهَا عَلَى صَرائِحِ النُّصُوصِ؛ {فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ٤٦}⁣[الحج].


(١) انظر (الفصل السابع) من (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # (ط ١/ ٢/٤٠٠)، (ط ٢/ ٢/٤٣٩)، (ط ٣/ ٢/٤٨٤).

(٢) «الْمَخْرَقَةُ: إظْهارُ الخُرْقِ؛ توصُّلًاً الى حِيلَةٍ، وَقد مَخْرَقَ. والْمُمَخْرِقُ: الْمُمَوّهُ، وَهْوَ مُستعارٌ من مَخاريقِ الصِّبيان». تمت من (تاج العروس)، والمخاريق: «جَمْعُ مِخْرَاقٍ، وَهْوَ فِي الْأَصْلِ: ثَوْبٌ يُلَفُّ ويَضْرِبُ بِهِ الصِّبيانُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا». تمت من (النهاية).

(٣) والبحث في هذا مستوفى في (الفصل السابع) من (لوامع الأنوار) (ط ١/ ٢/٤٠٠)، (ط ٢/ ٢/٤٣٩)، (ط ٣/ ٢/٤٨٤).