مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الجوابات المهمة من مسائل الأئمة

صفحة 288 - الجزء 1

  أَمَّا مُحَاوَلَةُ قَطْعِ الْخِلَافِ بِالأَصَالَةِ، وَمَنْعِ النِّزَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ بِأَيِّ تَنْظِيمٍ، أَوْ أَيِّ وَسِيلَةٍ، أَوْ أَيِّ دِسْتُورٍ؛ لأَنَّ الْخِلَافَ وَالنِّزَاعَ مِنْ طِبَاعِ البَشَرِ، كَمَا قَالَ ø: {وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ}⁣[هود].

  فَلَا التَّنْظِيمَاتُ البَشَرِيَّةُ بِرَادِعَة، وَلَا القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ بِمَانِعَة؛ بَلْ حُدُوثُ الفَسَادِ فِيهَا، وَاخْتِلَالُ أَمْرِ العِبَادِ بِهَا أَمَرُّ وَأَدْهَى، وَأَضَرُّ وَأَطْغَى، وَإِنْ أَدَّتْ إِلَى اسْتِقْرَارِ الأَمْرِ مُدَّةً يَسِيرَةً مَعَ كَبْتِ الفِئَةِ الْمَقْهُورَةِ الْمَغْلُوبَةِ عَلَى أَمْرِهَا فَسُرْعَانَ مَا تَتَفَجَّرُ الشُّرُورُ، وَيَتَحَطَّمُ النِّظَامُ، وَتَمُوجُ أَمْوَاجُ الفِتَنِ، وَتَنْقَلِبُ الْمَوَازِين، وَهَكَذَا دَوَالَيْكَ⁣(⁣١)، كُلَّمَا غَلَبَتِ القُوَّةُ أَخَذَتْ دَوْرَهَا، فَلَا يَسْتَقِرُّ قَرَارٌ.

  فَالرُّجُوعُ إِلَى تَعَالِيمِ الشَّرْعِ الشَّرِيف، وَقَوَانِين الدِّينِ الْحَنِيف، وَتَنْظِيمِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ: أَحْكَمُ وَأَسْلَمُ، وَأَبْعَدُ عَنِ الفَسَادِ، وَهَلَاكِ العِبَادِ وَالبِلَادِ.

  وَلَو لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنَّ سَبِيلَ الْهُدَى فِيهِ وَاضِحٌ، وَسَبِيلَ الضَّلَالِ مَكْشُوفٌ لاَئِحٌ، {لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ}⁣[الأنفال: ٤٢].

  فَمَنْ جَاهَدَ مَعَ الْحَقِّ كَانَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَعَ الصَّادِقِين، وَمَنْ قَاتَلَ مَعَ البَاطِلِ كَانَ مِنْ حِزْبِ الشَّيْطَان، وَفِي سَبِيلِ البَغْيِ وَالْعُدْوَانِ مَعَ الْهَالِكِين.

  *******

  السؤال السابع: إِذَا كَانَ مِنَ القَوَاعِدِ الفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَارَفَةِ بَيْنَ رِجَالِ العِلْمِ أَنَّ دَفْعَ الْمَضَرَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ؛ فَهَلْ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إِلَى اجْتِهَادٍ فِقْهِيٍّ دِسْتُورِيّ مُسْتَنِدٍ إِلَى أَدِلَّةِ تَنْظِيمِ انْتِقَالِ السُّلْطَةِ مِنْ شَخْصٍ لآخَرَ؟

  الجوابُ: أَنَّهُ قَدْ أَغْنَى عَنِ الْجَوَابِ الْجَوَابُ السَّابِقُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِفِيهِ كِفَايَةٌ.

  *******


(١) دَوَالَيْكَ: أي مداوَلَةً على الأمرِ، أو تَداوُلٌ بعدَ تَداوُلٍ، وقد تَدْخُلُه ألْ فَيُجْعَلُ اسمًا مع الكافِ، يقالُ: الدَّوالَيْك. من (القاموس).